تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن بناء حماس “آلةً حربيةً تحت الأرض لتضمن بقاءها”، مشيرةً إلى أنّ الحركة، “وبعد تعهّدها بالاكتفاء الذاتي، حوّلت متاهةً من الأنفاق في قطاع غزة إلى مصانع للأسلحة وتحصينات مجهزة تجهيزاً جيداً”.
واليوم، وبعد مرور عامٍ على بدء الحرب التي يمثّل القضاء على حماس أحد أهدافها الرئيسة، ها هي “أجزاء من الحركة راسخة في مواقعها” في قطاع غزة، كما أكدت الصحيفة.
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين من حماس قابلتهم، أنّ رئيس المكتب السياسي للحركة، يحيى السنوار، “لم ينجُ فحسب بعد مرور عام على الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر، بل إنّه يضع أيضاً الأساس لإعادة ظهور المجموعة”.
“حماس ليست وكيلاً.. وتتقن صنع أسلحتها بكميات كبيرة”
في السياق نفسه، أوردت “واشنطن بوست” أنّ حماس “تركز بلا هوادة على تحقيق الاكتفاء الذاتي”، موضحةً أنّ هذا يشمل “القدرة على إنتاج الأسلحة والمتفجرات الخاصة بها، وتنفيذ عمليات معقدة تشمل الآلاف من المشاركين، مع الحفاظ على السرية التامة”.
وأشارت إلى أنّ حماس “أنفقت سنوات في إتقان آلة حرب قادرة على تصنيع ذخائرها الخاصة، وتنفيذ العمليات من دون موافقة خارجية، أو معرفة حتى، ثم السماح لمقاتليها بالاختفاء داخل متاهة معقدة تحت الأرض”، وذلك على الرغم من “إدراكها قدرة إسرائيل على قطع غزة عن العالم”.
كما أقرّ مسؤولون وخبراء بأنّ حماس ليست “مجرد جماعة بالوكالة”، بحسب ما نقلته الصحيفة، فبعد مرور عام على الحرب، “اكتشف محققو الجيش الإسرائيلي أنّ عدداً قليلاً ومدهشاً من الأسلحة الموجودة في غزة إيراني الصنع”، إذ إنّ الحركة “كانت تصنع صواريخ جديدةً في مصانع ضخمة تحت الأرض”.
و”لم يجد هؤلاء المحققون مصانع ضخمةً لتجميع الصواريخ والقذائف على نطاق واسع، ووفقاً للصحيفة، وبدلاً من ذلك، “وجدوا في الغالب ورش عمل صغيرةً، يقوم فيها عمّال المعادن باستخدام مخارط بسيطة، في تحويل الأنابيب والمواد الكيميائية الزراعية إلى مكوّنات للقذائف المتفجرة”.
وتابعت الصحيفة بأنّ “الجيش” الإسرائيلي، وبعد اجتياحه رفح، جنوبي القطاع، “لم يعثر على أي أنفاق تهريب جديدة تؤدي إلى مصر، كما كان يعتقد العديد من الخبراء”.
وبناءً على ذلك، خلص مسؤولو “جيش” الاحتلال إلى أنّ “حماس صنّعت بنفسها، داخل غزة، ما يصل إلى 80% من أسلحتها”، وفقاً لما ذكرته “واشنطن بوست”.
“أعظم الإنجازات الهندسية.. أنفاق عزة شكلت المفاجأة الأكبر”
أما الأنفاق فـ”تُعدُّ أعظم إنجارات حماس الهندسية، وهي مفتاح بقاها بالنسبة للسنوار”، بحسب ما تابعت الصحيفة.
وعلى الرغم من أنّ القوات الإسرائيلية “كانت على علم، منذ فترة طويلة، بالتهديد الذي تشكّله الأنفاق، فإنّ حجمها وتعقيدها فاجأ الجميع، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ونظيراتها في الولايات المتحدة”.
في هذا الإطار، نقلت “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين تأكيدهم أنّ أنفاق غزة “كانت المفاجأة الأكبر”، إذ إنّ حجم ومدى وتعقيد “مترو” غزة، كما أصبح يُطلق عليه، “تجاوز التقديرات الإسرائيلية إلى حد كبير”.
وأعرب مسؤولون في “الجيش” الإسرائيلي، في مقابلات معهم، عن “مدى دهشتهم بعد شق طريقهم عبر مخابئ على عمق 30 قدماً تحت شوارع غزة، ليجدوا أنفاقاً تؤدي إلى أخرى أعمق، مدفونة على عمق 120 قدماً تحت الأرض”.
بالانتقال إلى الولايات المتحدة، اعترفت دانا سترول، التي كانت نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، خلال السنوات الـ3 الأولى من إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، بأنّ “أحداً لم يستوعب مدى اتساع الأنفاق، أو أنّ هناك العديد من أنواع الأنفاق المختلفة”، بحسب ما نقلته الصحيفة”.
وأضافت سترول أنّ “محاربة عدو قادر على التحرك أفقياً وعمودياً، عبر ساحة معركة تقع في منطقة حضرية مكتظة بالسكان، تشكّل تحدياً عسكرياً هائلاً”.
“واشنطن بوست” أشارت أيضاً إلى أنّ “حماس تواصل القتال”، منذ عام كامل، بحيث “كشفت قدراتها وتكتيكاتها على مدى تلك المدة، مراراً وتكراراً، عن التفكير التقليدي الذي كان سائداً بشأنها، قبل الـ7 من أكتوبر”.
وتثير هذه القدرات والتكتيكات “مخاوف جديدةً بشأن قدرة حماس على إعادة بناء نفسها، في قطاع غزة، أو أي مكان آخر”، وفقاً لما أضافته الصحيفة.
“الحرب تدفع جحافل الشباب الساعين للانتقام إلى حماس”
تأكيداً للتقييم المشترك بين المسؤولين العسكريين الأميركيين والإسرائيليين، قالت دانا سترول إنّ “الفشل في فهم الأبعاد العديدة للأصول الاستراتيجية الأكثر أهميةً لدى حماس كان جزءاً من الفشل الاستخباراتي”، الذي وقع في الـ7 من أكتوبر، وهو “الفشل الذي لم يتم التعامل معه بصورة كاملة بعد”.
ولدى حديثها عن هذه الأصول، أكدت المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأميركية في الإدارة الحالية أنّ “واحداً من أهمها (وهو العامل البشري) متاح للحركة، بحيث لا ينضب منه شيء تقريباً”.
وأشارت الصحيفة في هذا الإطار إلى أنّ الدمار الذي أحدثته “إسرائيل” في حربها على غزة “يحفّز على تجنيد الشباب، ويدفع جحافل من الشباب إلى أحضان حماس”.
في السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي عربي كبير تأكيده “عدم وجود نقص في المتطوعين الشباب”، فهؤلاء “هم الناس الذين فقدوا عائلاتهم، ولديهم دافع واحد: الانتقام”.
إزاء ذلك، أكدت “واشنطن بوست” إلى أنّ حماس “تتحوّل إلى مرحلة جديدة من الصراع، يمكنها فيها أن تستفيد بسهولة أكبر من طاقات أعضائها الجدد.
وتطرّقت أيضاً إلى الدور الذي يؤديه الإعلام العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحماس، مشيرةً إلى أنّ منشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي “تروّج لتكتيكات التمرد، مثل التفجيرات باستخدام العبوات الناسفة”.
سيرياهوم نيوز١_الميادين