آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » الصين تستكشف طريق أميركا اللاتينية وتبني حزاماً في مواجهة التيار الأميركي

الصين تستكشف طريق أميركا اللاتينية وتبني حزاماً في مواجهة التيار الأميركي

 

تنتشر البيادق الصينية على مساحة رقعة الشطرنج الكبرى في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وفي هذا النوع من الحروب لا توجد أسلحة محرّمة دولياً أو “رمز أحمر”. مع أن تداعيات هكذا حروب كبيرة على الاقتصادات العالمية قد تفضي في مرحلة ما إلى مواجهة عسكرية.

 

عندما تحتدم المواجهة الاقتصادية بين أقطاب عالمية، يكون دائماً الخيار العسكري مستبعداً إلى أقصى حدود، ويبقى “الزر الأحمر” بعيداً عن متناول أي جهة. إنما من ناحية ثانية فإن أسلحتها لا تقل فتكاً على المستوى الجيوسياسي.

 

الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب أعدت ما أمكن للانتصار على الصين تجارياً واقتصادياً، وعملاً بهذه الاستراتيجية تريد الإدارة الحالية تثبيت مواقعها وتحالفاتها التاريخية. فكانت أول زيارة لترامب إلى منطقة الخليج العربي، وبالتزامن كانت بكين تفتتح أعمال الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى الصين-سيلاك أي مجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

 

 

 

اللعب في الحديقة الخلفية

 

العلاقات الصينية مع أميركا اللاتينية كانت محدودة حتى مطلع الألفية، لكن سرعان ما بدأت تتطور في العقد الثاني وتحديداً مع إطلاق الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرة “الحزام والطريق”، حتى باتت ثاني أكبر شريك اقتصادي بعد الولايات المتحدة.

 

ولأن هذه المبادرة الاقتصادية التجارية ضخمة، كان لا بدّ من تعزير العلاقات الثنائية مع دول العالم من جهة، إلّا أنها أكثر ما تحتاج إليه هي الموارد الطبيعية، وجنوب القارة الأميركية غنيّ بالمواد الخام مثل النفط والليثيوم والنحاس إلى جانب المنتجات الزراعية المتنوعة. وبالمقابل بدأت الصين بضخ استثمارات ضخمة في الموانئ الغربية لاسيما في البيرو وتشيلي.

 

لكن هذا لا يأتي دون ثمن، فالولايات المتحدة لطالما نظرت إلى أميركا اللاتينة على أنها حديقتها الخلفية، وما حدث قبل أسابيع قليلة بما يتعلق بقناة بنما خوفاً مما اعتبرته واشنطن تمدداً للنفوذ الصيني، ليس سوى دليل على حدّة الصراع.

 

وفي هذا السياق يقول الباحث الصيني رونغ هوان ، لـ”النهار”، إن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة “دفعت الصين إلى تعزيز علاقتها مع دول أخرى، والسلع التي كانت موجهة إلى الولايات المتحدة تم نقلها إلى أسواق أميركا اللاتينية”. ويضيف أن حضور رؤساء وزعماء دول أميركا اللاتينية منتدى ”

 

الصين-سيلاك” يعكس الزخم في تطور العلاقات مع دول جنوب القارة، والعلاقات الثنائية مبنية على أسس مشتركة، إذ مقابل الاستثمارات “هناك السوق الصينية الكبيرة التي تستورد المنتجات من أميركا اللاتينية”.

 

من ناحية أخرى تقدّم الصين للدول النامية قروضاً ميسرة وأحياناً مقابل ضمانات على الموارد، وهذا يثير بدوره الخشية في أروقة واشنطن من أن تواجه هذه الدول خطر التبعية المفرطة للتجارة أو للقروض الصينية، أو ما تصفه بأنه “استعمار اقتصادي جديد”. أمّا الخوف الأبرز فهو من دخول التقنيات الصينية المتطورة إلى البنية التحتية للاتصالات وتأسيس مشاريع مراقبة تساهم في مسائل استخباراتية مثل التجسس والاختراق السيبراني.

 

 

 

رفض للهيمنة الأحادية

 

مقابل الهواجس الأميركية، تؤكد الصين أن العلاقة مع دول العالم ومنها أميركا اللاتينية تقوم على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهنا يقول هوان إن بلاده “لا تريد حرباً جيوسياسية مع أميركا في أي منطقة في العالم”، والتعاون مع الدول المختلفة يهدف إلى “تحقيق الفوز وكسب وتنمية مشتركة، والصين تتعاون مع هذه الدول بناء على رغبة الطرفين وبما يخدم مصالح الجانبين، ولا يستهدف الولايات المتحدة”، مع تأكيده أن “الصين تعارض فكرة الهيمنة الأحادية، وتدعم الدول النامية وكذلك دول جنوب العالم”.

 

لكن هل هذا يكفي لطمأنة القطب الأميركي؟ بالطبع لا، لأن الولايات المتحدة ترى في مبادرة “الحزام والطريق” خريطة ستجعل من التنين الآسيوي شريكاً مضارباً على الساحة الدولية، وفي حال تحقيق المبادرة كما رسمتها بكين فذلك يعني عملياً السيطرة الصينية على ممرات مائية رئيسة حول العالم، والتحكم باقتصادات معظم الدول، ما يعني فقدان الهيمنة التجارية والمالية وسقوط الدولار أمام اليوان.

 

وفي ردّ على هذه المسائل، يقول هوان إن المبادرة الصينية “منفتحة، ويمكن المشاركة من خلالها لتعزيز التنمية وتحقيق الازدهار المشترك”. ويشير إلى أنّ أكثر من 150 دولة وقعت اتفاقيات ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، ليعود ويشدّد على أن هذا التعاون الدولي “لا يستهدف أي طرف ثالث”.

 

وما بين المبادرة والمحاذير، جاءت الرسوم الجمركية الأميركية لتضع الدول المعنية في حالة من عدم اليقين من مستقبل العلاقة مع واشنطن ما دفعها أكثر باتجاه الصين، لا سيّما أن الاستثمارات معها تجعل هذه الدول بحلّ من التعامل مع المؤسسات النقدية الدولية، في حين تسعى بكين توازياً مع المكاسب الاقتصادية إلى توسيع نفوذها الديبلوماسي، وكسب الدعم في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة للاعتراف بوحدة التراب الصيني وسحب الاعتراف بجزيرة تايوان على أنها دولة مستقلة.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الخطوط الجوية السورية تعلن استئناف رحلاتها تدريجياً

    أعلنت الخطوط الجوية السورية اليوم عن استئناف تشغيل رحلاتها بشكلٍ تدريجي، وذلك بعد التعليق المؤقت الناتج عن الظروف الأمنية الطارئة التي أثّرت على ...