آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » الشرع أمام اختبار الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: بين الصمت والمخاوف

الشرع أمام اختبار الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: بين الصمت والمخاوف

 

عبدالله سليمان علي

الانتقالية في دمشق بنفسها عن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، في موقف يُكرّس التحوّل الذي طرأ على السياسة السورية بعد سقوط نظام الأسد. فقد تحوّلت الأراضي السورية في عهد النظام السابق إلى ساحة لحرب بالوكالة بين الطرفين، ما يطرح تساؤلات كثيرة بشأن مدى قدرة القيادة السورية الموقتة على الحفاظ على هذا النأي في ظل الحرب المستمرة، فيما لا تزال الأجواء السورية ميداناً لتبادل الصواريخ والطائرات المسيّرة بين الطرفين.

وتزداد صعوبة اتخاذ موقف واضح بسبب علاقات دمشق مع عدد من الدول العربية والإقليمية التي تتباين مواقفها إزاء الحرب. ويشير الصمت السوري المتواصل بعد خمسة أيام على اندلاع المواجهة إلى تعقيد الحسابات السياسية والعسكرية، خاصةً أن الحرب قد تطول وربما تمتد إلى دول أخرى، بما فيها سوريا، التي لا تزال تحتفظ ببقايا من الحقبة السابقة تجعلها عرضة لهذا الامتداد.

وتكمن المفارقة في أن صمت سوريا يناقض مواقف أبرز الدول الداعمة لها في المرحلة الانتقالية، مثل تركيا وقطر والإمارات والسعودية. فهذه الدول أدانت، من حيث المبدأ، الهجوم الإسرائيلي على إيران، إدراكاً منها لخطورة تداعيات أي هزيمة ساحقة تتعرض لها طهران، بما يتجاوز الحسابات المرتبطة بالأنظمة الحاكمة نحو حسابات أوسع تتعلق بتوازنات المنطقة.

وفي هذا السياق، اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غداة اندلاع الحرب، بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، طالباً منه، في ظل “العنف الذي تشعله إسرائيل في المنطقة”، الحرص على إبقاء سوريا بمنأى عن الصراع. وقد نوّه أردوغان، في إشارة واضحة إلى تخوّفه من تداعيات الحرب على سوريا، بضرورة توخّي الحذر من التنظيمات الإرهابية والعناصر المتطرفة.

 

 

 

وتُحجم الأوساط السياسية المقرّبة من وزارة الخارجية السورية، ولا سيما ضمن الأمانة العامة للشؤون السياسية، عن الإفصاح عن موقف صريح، مكتفيةً بالقول إن سوريا “متفرّجة” وغير معنية بهذه الحرب. إلا أن هذا الخطاب أقرب إلى الاستهلاك الإعلامي منه إلى التعبير عن موقف سياسي حقيقي، لكنه يبقى مجدياً ما دامت شظايا الحرب لم تلامس خطوطاً حمراء، سواء محلياً أو دولياً.

ويرى مراقبون أن من غير المتوقّع أن يُطلب من بلد هشّ مثل سوريا اتخاذ موقف واضح تجاه الحرب، ما دامت تطوراتها قابلة للضبط والسيطرة. إلا أن اتساع رقعة المواجهة بين إسرائيل وإيران قد يغيّر المعادلة، ويجبر دمشق على اتخاذ موقف مختلف، إذ “قد لا تكون الحيادية التامة مطروحة”، بحسب افتتاحية شبكة “شام” الإخبارية، التي توقعت أن يضطرّ الشرع إلى الاصطفاف إلى جانب الحلف الأميركي – الإسرائيلي.

وهنا يبرز التساؤل: هل كان هذا ما لمّح إليه أردوغان حين دعا الشرع إلى البقاء على الحياد؟ من المؤكد أن الرئيس التركي يدرك موقف دمشق من طهران، ويبدو أن تحذيره يحمل خشية من أن تنجرف السلطات السورية إلى مواقف عدائية تجاه إيران، استجابةً لتحالفاتها الإقليمية والدولية الجديدة.

حتى الآن، لم تُجبر دمشق على اختبار موقفها. وفي ظل التطورات الحالية، من الصعب رصد فروق ميدانية ملموسة بين موقفها ومواقف دول تُعدّ قريبة من إيران، كالعراق. فإن كانت سوريا لا تمنع استخدام أجوائها كممرّات لعبور الصواريخ والطائرات المسيّرة المتبادلة بين إيران وإسرائيل، ولا تعترض على إسقاط القوات الأميركية تلك المسيّرات فوق أراضيها، من دون أن تردّ على الطائرات الإسرائيلية، فإن العراق لا يفعل أكثر من ذلك.

غير أن تمدّد الحرب عبر تفعيل إيران لأذرعها في المنطقة، من اليمن ولبنان إلى العراق، للضغط على الولايات المتحدة والدول الغربية التي بدأت بالاصطفاف خلف إسرائيل، قد يدفع دمشق إلى تغيير موقفها بشكل دراماتيكي.

وتحسّباً لهذا السيناريو، أرسلت وزارة الداخلية السورية قوات أمن إضافية إلى الحدود مع العراق لضبطها قدر الإمكان، وبدأت تنفيذ مداهمات ضد عناصر متعاونين مع المليشيات الإيرانية للحد من قدرتهم على التحرك. إلا أن هذه الإجراءات قد تكون عديمة الجدوى إذا قررت إيران توسيع رقعة الحرب دفاعاً عن نفسها.

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ايه بي سي”: اليومان المقبلان حاسمان لجهة حل دبلوماسي مع إيران أو لجوء ترامب لعمل عسكري”

  بينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجتمع مع كبار مستشاريه في غرفة الأزمات بالبيت الأبيض يوم الثلاثاء، أشار مسؤولون أميركيون لـ”ايه بي سي نيوز” ...