آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » دلالات عملية تبادل الأسرى: انتصار إرادة المقاومة الفلسطينية

دلالات عملية تبادل الأسرى: انتصار إرادة المقاومة الفلسطينية

 

حسن حردان

 

شكلت عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس، وكيان الاحتلال الإسرائيلي، بعد عامين من طوفان الأقصى (أكتوبر- تشرين الأول 2023)، حدثاً هاماً فلسطينياً وعربياً ودولياً، حمل في طياته دلالات استراتيجية وسياسية وإنسانية عميقة:

أولاً، الإقرار بفشل الحسم العسكري والضغط على “إسرائيل”:

1 ـ فشل الأهداف الإسرائيلية: إنّ اضطرار حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو للدخول في صفقة تبادل كبيرة بعد عامين من حرب الإبادة النازية التي شنتها ضدّ الشعب الفلسطيني بهدف معلن هو “القضاء على حركات المقاومة، وفي الطليعة حركة حماس و”إعادة الأسرى بالقوة”، يشير بوضوح إلى فشل استراتيجي في تحقيق هذه الأهداف عسكرياً.

2 ـ ثمن الضغوط الداخلية والدولية: الصفقة تعكس الضغط الهائل من عائلات الأسرى الإسرائيليين والرأي العام الداخلي، وكذلك من شعوب العالم المنتفضة ضد الجرائم الصهيونية، والقوى الدولية (كأطراف الوساطة)، مما أجبر الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن مواقفها المتشددة، التي كانت تصرّ على السعي الى تحقيق النصر المطلق.

3 ـ إعادة الاعتبار للمقاومة: نجحت حركات المقاومة، من خلال الصفقة في ترسيخ مبدأ التفاوض غير المباشر للتوصل الى اتفاق يقضي بمبادلة الأسرى، وأثبتت أنّ لديها أوراق قوة (الأسرى)، وأنها لا تزال قوة فاعلة في ساحة الصراع، وعند الحديث عن ايّ قضية أو مسألة تعني الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية المشروعة، ولهذا لا يمكن تجاهل حركات المقاومة، رغم الحرب الإسرائيلية الشرسة والوحشية لعزلها وتدميرها، لكن دون جدوى.

ثانياً، تحرير الأسرى بقوة المقاومة.. انتصار كبير:

1 ـ انتصار إنساني للمقاومة: انّ نجاح المقاومة في إجبار حكومة العدو على إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، خاصة من ذوي الأحكام العالية أو المؤبدات، يمثل إنجازاً وطنياً وإنسانياً كبيراً لحماس وكلّ حركات المقاومة، ويرفع من رصيدها الشعبي.

2 ـ كسر قيود السجون: يبعث تحرير هؤلاء الأسرى رسالة قوية للشعب الفلسطيني بأنّ المقاومة هي السبيل الأنجع لتحريرهم، مما يعمّق من ارتباط الجمهور بالمقاومة، الأمر الذي يحبط هدف العدو الذي سعى من وراء حربه الإجرامية المدمرة لكلّ مرافق الحياة الى تأليب الشعب ضدّ المقاومة.

ثالثاً، التداعيات السياسية والاستراتيجية:

1 ـ اعتراف بحماس: الدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وإبرام صفقة مع حماس، يعدّ اعترافاً ضمنياً من “اسرائيل”، والولايات المتحدة الأميركية، بالكيان السياسي والعسكري للحركة كطرف لا يمكن تجاوزه في أيّ ترتيبات مستقبلية لغزة.

2 ـ مؤشر على نهاية الحرب: من الواضح انّ الصفقة الكبيرة تأتي جزءاً من اتفاق أوسع يتضمّن وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً إسرائيلياً من غزة، مما يمثل تحوّلاً كبيراً نحو إنهاء حرب الإبادة النازية الإسرائيلية.

3 ـ تأثير الصفقة على الحكومة الإسرائيلية: من المرجح أن تؤدي الصفقة الكبيرة، خاصة أنها تضمّنت تنازلات إسرائيلية كبيرة، إلى زيادة الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية وربما تسرّع من نهاية ولاية رئيس وزراء العدو نتنياهو بسبب السخط من الرضوخ لمطالب وأهداف حماس في تحرير الأسرى.. من جهة، وبسبب غضب قسم كبير من الإسرائيليين على سياساته التي أدّت الى إطالة مدة الحرب ومقتل عشرات الأسرى…

رابعاً، الدلالة الإنسانية: تظهر عملية التبادل الأولوية الإنسانية للصفقة، وانّ الملف الانساني (الأسرى) لا يزال يشكل أولوية قصوى لكلا الطرفين، ويشكل ثقلاً مهماً في ميزان الصراع.. وقد اثبتت المقاومة أنها الأحرص على تحقيق هذا الهدف الإنساني، لما له من انعكاسات ونتائج إيجابية على مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ضدّ الاحتلال.

باختصار، تشكل عملية تبادل الأسرى بعد عامين من “طوفان الأقصى” انتصاراً واضحاً لإرادة المقاومة في إدارة أزمة الأسرى رغم ضراوة الحرب، وفشل استراتيجي لـ “إسرائيل” في استخدام القوة وحدها لحسم الملف، مما يؤكد أنّ الحلول النهائية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر الاعتراف بوجود الطرف الآخر والتفاوض معه.

(أخبار سوريا الوطن 1-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الخطأ الباكستاني..!

  كتب محمد خير الوادي:   قبل اشهر ، اعلنا تعاطفنا مع الباكستان التي كانت ضحية لطموحات عدوانية ، ظهرت لدى قيادة هندية ، اصيبت ...