طقوس كانونية ريفية 

سليمان خليل

الضباب يسكن فسحات البيوت ، القرية تلملم حطبات المواقد .. في الخارج خيط المطر لاينقطع على مدى ساعات مضت .. الأشجار تعرت من أوراقها الصفراء التي تكومت في جوانب أرض الديار وفي الأفق حديث النفس بين ماض من الزمان وآتي ..

وحده جرن الحجر القديم الذي بدى في ساحة الدار يتحضر لقضم وقت النهار في واحدة من الأكلات الشعبية التراثية التي تحفل بها البيوت في مثل هذه الأيام الكانونية الجميلة..

من القمح المدقوق بالجرن الحجري و لحمة الفروج البلدي تصنع “الهريسة” ، تقليد موروث من عشرات السنين . ووجبة طعام كاملة العناصر الغذائية حيث:«أن “الهريسة” أو “القمحية” تصنع بالكامل من القمح البلدي الغني بالفيتامينات والبروتينات والفروج البلدي الذي يتغذى على بقايا طعام المنزل والشعير البلدي وهذا ما يجعله أكثر نفعاً وتغذيةً من فروج المد اجن».

وأجمل طقوس تقديم الهريسة هي في عيد البربارة، إذ تعتبر طبقاً غنياً ومغذياً رمزاً للخصب،حيث تطبخ بطريقة هرس المكونات معاً بعد سلقها جيداً حتى تتجانس مع مرقة الدجاج، مع إضافة السمنة الحيوانية وتزيينها بالمكسرات أحياناً.

يبقى جرن الحجر شاهداً جميلاً على الصبر عند تحضير الطعام وعلى النكهة والطعم الذي تطحن فيه سواء القمح او حتى اللحم لصناعة الكبة ، وعنوان جميل كانت تلتم حوله النسوة والأطفال في صورة اجتماعية متكافلة بالخير وتوزيع السعادة والعطاء والمحبة في نفوس الجميع ، عسى أن تعود مشاهد اللمة والوئام وتتكلل الأيام القادمة بالخير والبركة عليكم جميعاً

(أخبار سوريا الوطن-1)