لا تغيير واضحاً في المشهد البيلاروسي سوى ما تُخبّئه الأيام التي ستلي الإعلان، رسمياً، عن فوز ألكسندر لوكاشنكو بولاية رئاسية سادسة، تبدو مفتوحة على غير احتمال، وسط توتّر غير مسبوق في الشارع، يوازيه، من جهة أخرى، توتر سَعّره الرئيس المنتهية ولايته مع روسيا
جرت الانتخابات الرئاسية في مناخ تحدٍّ غير مسبوق لموسكو
لوكاشنكو، الذي عمل مديراً لمزرعة تابعة للدولة في الحقبة السوفياتية، تمكّن من إزاحة خصومه الرئيسيين بين الربيع وبداية الصيف عبر سجن اثنين منهم، فيما اختار الثالث المنفى. لكن منافسته، تيخانوفسكايا، وهي أستاذة لغة إنكليزية، نجحت في جمع حشود غير مسبوقة من المتعاطفين بدعوتها إلى «التغيير»، من باب إسقاط جدران السجون البيلاروسية، وتنظيم إصلاح دستوري تليه انتخابات جديدة. وهناك ثلاثة مرشحين آخرين، هم: الرئيس المشترك لحركة «قُل الحقيقة» أندريه دميترييف، والمرشحة المستقلة العضو السابق في البرلمان آنا كانوباتسكايا، ومرشح «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (غرامادا) سيرغي تشيرتشن. وهؤلاء لم ينجحوا في تحقيق تعبئة واسعة، بخلاف تيخانوفسكايا التي حلّت محلّ زوجها سيرغي تيخانوفسكي، المدوّن المسجون منذ أيار/ مايو الماضي، بينما كان يقوم بحملته. واستطاعت تيخانوفسكايا كسب تأييد واسع بعدما تحالفت مع سيدتين أخريين، هما: فيرونيكا تسيبكالو، رفيقة معارض في المنفى، وماريا كوليسنيكوفا، مديرة حملة فيكتور باباريكو المصرفيّ السابق الذي سُجن بينما كان يعدّ للترشّح للانتخابات. وعلى رغم هذا الزخم، أكدت المرشّحة المستقلة لأنصارها أنه ليست لديها أوهام في شأن النتيجة لأن «عمليات تزوير مشينة» جرت خلال التصويت المبكر الذي نُظِّم من الثلاثاء إلى السبت، واقترع في خلاله حوالى ثلث الناخبين.
كذلك، جرت الانتخابات الرئاسية في مناخ تحدٍّ غير مسبوق لموسكو، مِن لوكاشنكو الذي يمثّل، في آن معاً، أقرب حلفائها وأكثرهم تقلباً. وعلى رغم مرور العلاقات بين «الدولتين الشقيقتين» بفترات مدّ وجزر، فإنها لم تشهد طوال 26 عاماً توتراً بهذا الوضوح، إذ اعتبر لوكاشنكو أن «الدمى» التي يحرّكها الكرملين تسعى إلى جعل بيلاروسيا بلداً تابعاً. ونهاية تموز/ يوليو، أوقف 33 روسياً في مينسك للاشتباه في انتمائهم إلى شركة «فاغنر» للمرتزقة، ليتمّ اتهامهم بالإعداد لـ»مجزرة» في العاصمة، وهو ما نفته موسكو، معتبرةً ما حدث محض «استعراض» انتخابي. وسعى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى تهدئة الأوضاع في اتصال هاتفي مع لوكاشنكو، تمنّى فيه أن يكون الاقتراع «هادئاً» في «وضع سياسي داخلي مستقر»، وذلك بعدما أكّد الرئيس البيلاروسي، في خطاب ناري، أنه لن «يتخلى عن البلد» لمصلحة موسكو، وإعلانه إجراء مناورات عسكرية على الحدود. وندّد في خطاب إلى الأمة بما وصفه بمحاولات من معارضيه لتدبير «مجزرة» في شوارع العاصمة مينسك، وقال إن منتقديه يتلقّون دعم «موارد بمليار دولار» لإشاعة الاضطرابات. وتساءل «هل ستنجو بيلاروس؟ هل ستنجو من هذه الحرب الهجينة؟». وبعدما أدلى بصوته أمس، قال الرئيس إنه لن «يسمح بخروج الأمور عن السيطرة» ولا «بالفوضى»، بينما كانت الدعوات إلى التظاهر تتوالى على مواقع التواصل الاجتماعي.
(سيرياهوم نيوز-وكالات-الاخبار)