الموسيقار محمد سلطان وزوجته فايزة أحمد… شراكة فنية فريدة من نوعها … الحناوي : هما من رموز الفن الراقي ونجوم الزمن الجميل ولكن لم تسلط الأضواء عليهما كما ينبغي

مصعب أيوب

 

عند رؤيتها وحديثي معها لفت نظري إليها وجذبني عطفها وحنانها ومساعدتها للفقراء والمحتاجين، فهي عظيمة محبة للخير وليست شخصية أنانية ولا محبة للمال، ليس لديها مكر ودهاء، دمعتها قريبة من خدها، ذات الوجه الجميل والملامح الصافية، كانت تسأل فريد دائماً عن أي شخص فقير محتاج لكي تقدم له وجه العون والمساعدة.

 

بهذه الكلمات عرّف الموسيقار الراحل زوجته الفنانة صاحبة الصوت الشجي فايزة أحمد في أحد اللقاءات التلفزيونية في وقت سابق، وقد أقام لهما المنتدى الاجتماعي في دمشق أمسية فنية تحت عنوان: «صاحب الشياكة اللحنية وكروانة الشرق» قدمها الباحث الموسيقي عثمان الحناوي وحاوره المؤلف الموسيقي والمهندس إيهاب المرادني، وذلك مساء يوم السبت في مقر المنتدى بمنطقة الطلياني.

 

مولعٌ بالموسيقا

 

بقيت فايزة أحمد راسخة في عقل ووجدان محمد سلطان حتى بعد مرور عقود على وفاتها، ولعل أبرز ما يثبت ذلك رفضه الزواج بعد وفاتها وهو القائل «بعد فايزة أحمد… مفيش ست تملا عيني» ليؤكد بذلك أنها حب حياته الوحيد وأنها تسكن روحه وبين ضلوعه، كيف لا وهو الذي قدم بالتعاون معها العديد من الأعمال الفنية والتحف التي لا تزال عالقة في أذهان الكثير.

 

افتتح اللقاء الباحث عثمان الحناوي بالحديث عن بدايات محمد سلطان في رحلة الفن وطفولته المبكرة، مبيناً أنه كان مولعاً بالموسيقا والعزف ومحباً للفن، ومنذ عمر ثلاث سنوات كان يعزف على آلة موسيقية، ولكن رغبة والده كانت عكس ذلك إذ كان يفضل أن يلتحق ابنه بالكلية البحرية أو كلية الحقوق ولاسيما أنه كان ضابطاً في شرطة المنطقة، وفي إحدى زيارات الموسيقي محمد عبد الوهاب الصيفية للإسكندرية التقاه محمد سلطان وعزف أمامه الكثير من الأغاني التي لحنها ومنها «بفكر باللي ناسيني» و«كل ده كان فين»، وقد أعجب عبد الوهاب كثيراً بما قدمه هذا الطفل وطلب من أهله أن يهتموا بموهبته ويقدموا له جميع المساعدات لكي يغدو اسماً لامعاً في عالم الفن، وإذا تم الاعتناء به سيكون له شأن عظيم في المشهد الثقافي والموسيقي.

 

اللقاء الأول

 

في إحدى السهرات وضمن منزل فريد الأطرش كان اللقاء الأول بين فايزة أحمد ومحمد سلطان وقد جرى حديثاً مطولاً بينهما بعد أن كان قد قدم عدداً من الأدوار الثانوية في الكثير من الأفلام السينمائية، وقد أقنعته أن يركز اهتمامه على التلحين والموسيقا لأنه بمرور الوقت لن يأخذ حقه في التمثيل على حين أنه يمكن أن يستمر لحنه واسمه حتى بعد وفاته، وتتالت اللقاءات بينهما إلى أن طلبت الزواج منه بعد أن أعجبت بوسامته وفنه على الرغم من تعاونها الفني مع بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب وعدم احتياجها لمن يلحن لها الأغاني، وكانت حينها في أوج عطائها وشهرتها الفنية، ولكن سلطان كان في بداياته وقد قدمت له الكثير من المساعدة وقدمته في الأوساط الفنية كملحن عظيم، وكان أول تعاون بينهما أغنية «أؤمر يا قمر أمرك ماشي»،وتتالى التعاون بينهما ليشكلا ثنائية فنية فريدة من نوعها إلى أن قدما «خليكو شاهدين» التي أذهلت كل من سمعها، و«مال عليّ مال» والكثير الكثير من الأغاني التي أطربت كل من سمعها.

 

من رموز الفن الراقي

 

في كلمة خاصة بـ«الوطن» أفاد الباحث عثمان الحناوي أنه تعمّد اليوم الحديث عن الملحن محمد سلطان والفنانة فايزة أحمد لأنهما رمز من رموز الفن الراقي وأهم نجوم الزمن الجميل، مبيناً أن محمد سلطان كان ملحناً وموسيقاراً له وزنه على الساحة الفنية والذي كان يوازي حضور محمد الموجي وبليغ حمدي إلا أنه كان منسياً ولم تسلط الأضواء عليه مثل أقرانه أو كما يستحق، وفيما يخص فايزة أحمد أكد الحناوي أنه لا يمكننا المرور مرور الكرام أمام منجزها وفنها وهي المعروفة بشهادة الكثير من أهل الفن والصحافة والنقاد بأنها كروانة الشرق لأنها من الأصوات الشجية التي نعتز ونفخر بها، ولعذوبة صوتها الشديدة التي جعلت جمهورها ومحبيها وذواقي الفن أن يحفظوا عنها عشرات الأغاني، وأضاف: أنا أتبع منهجاً معيناً ووضعت لنفسي خطةً للاحتفاء بأهل الفن الجميل والراقي والتذكير بهم ومنهم فريد شوقي وبليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي واليوم جاء دور محمد سلطان وتعمدت التطرق إلى الفنانة فايزة أحمد ولاسيما أنها كانت زوجته لكي نغني هذه الأمسية ونضفي عليها لمسة من الجمال، وستستمر هذه الأمسيات ولاحقاً سيتم الحديث عن منير مراد ووردة وزكريا أحمد القصبجي لكي نذكر الناس بالفن الجميل الذي نفتقر إليه مؤكداً أننا نستطيع تمييز العمل الجيد أو الفن الجميل من خلال الكلمات والألحان ذات الوقع القوي.

 

فترة ذهبية

 

وقد بين الباحث والموثق محمد المصري أن الفنانة الراحلة فايزة أحمد تعاونت مع الكثير من الملحنين ولكن تعد الفترة الذهبية لها بتعاونها مع زوجها محمد سلطان ولكنها لم تحظ بجماهيرية عالية كغيرها، وهي تلقب بكروانة الشرق عن استحقاق جماهيري وكل ذلك موثق لديّ، وأحضر الآن للمكتبة الذهبية للفن الجميل وسيعلن عنها في وقت لاحق.

 

وتابع: فايزة أحمد ابنة لأب سوري وأم لبنانية ولدت في 5 كانون الأول 1930، ومحمد سلطان ملحن وممثل مصري مواليد الإسكندرية 1937 وحمل إجازة في الحقوق 1960.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن