آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » على وقع مؤتمر دعم سوريا للوقاحة عنوان.. يدمّرون الأوطان ويهينون الشعوب بالمنح؟

على وقع مؤتمر دعم سوريا للوقاحة عنوان.. يدمّرون الأوطان ويهينون الشعوب بالمنح؟

اسيا العتروس

يصح في وصف مؤتمر دعم سوريا الذي اختتم أشغاله في بروكسيل أول أمس ما قاله الكاتب والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني في وصف الغزاة الذين “يسرقون رغيفك ثم يعطونك منه كسرة ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم.. ووقاحتهم”.. وغزاة العصر لا يسرقون الرغيف من أيدي أصحابه فحسب بل يسرقون التاريخ ويزورون معها الجغرافيا.. والأمر هنا ينسحب على المانحين في مؤتمر دعم سوريا وقبل ذلك ينسحب في مؤتمرات دعم واعمار العراق وفي كل المؤتمرات القادمة لإعادة اعمار ليبيا واليمن والقائمة قد تطول مستقبلا في ظل مشهد السقوط المستمر وانصراف عجلة الزمن قدما في تدمير وتفتيت وحرق لا يتوقف لما بقي من وطن لم يمنعه انتماؤه للأمم المتحدة  من أن تخترق سيادته يوميا من الطيران لعسكري الإسرائيلي وان تنتهك أرضه على إقدام القوات الأجنبية التي وجدت لها في سوريا مزرعة مفتوحة تتنافس فيه القوات الروسية والإيرانية والتركية والأمريكية والإسرائيلية وكل من وجد له بدلة عسكرية وتوفر له رشاش في السوق السوداء للأسلحة المتسللة جهرا أو سرا إلى المنطقة ليخرج لاحقا المشتركون في التخطيط والتنفيذ لعملية التدمير ومصادرة الأحلام وحرق الأوطان وتشريد الشعوب ثم يذرفون الدموع ويتباكون عليهم أمام أجهزة الكاميرا وعدسات المصورين التي تنقل كرم الدول المانحة العابر للحدود وتلك هي أعلى درجات الوقاحة في قاموس السياسة ومواثيق العدالة الدولية العرجاء ..

الضحايا في سوريا تحولوا إلى مجرد رقم في تقارير المنظمات الإقليمية والدولية والأخبار بشأن جثث الأطفال الذين يتم العثور عليهم كل صباح في المخيمات داخل وخارج سوريا وقد تجمدوا بسبب الثلوج باتت من الاخبار المألوفة التي يمر عليها الجميع مرور الكرام..عائلات بأكملها فقدت الحياة خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب عدم توفر التدفئة ومع ذلك لا شيء يتغير باستثناء الأرقام والإحصائيات التي تضيف كل يوم المزيد من الضحايا من مختلف الأجيال.. هل كان بالإمكان تفادي هذا المشهد القاتم في سوريا؟ وهل كان بالإمكان الحد من كل الخسائر البشرية الحاصلة؟ قد يعتبر البعض أن المشهد السوري وانعكاسات الحرب المدمرة التي تتجلى بوضوح على الأرض لا تقبل الإجابات الافتراضية فالواقع أقوى من أن نتجاهله أو نقلل من خطورته ومع ذلك فان الأكيد أن للمجتمع الدولي مسؤوليته فيما بلغته سوريا اليوم من خراب ودمار ولو توفرت بعض الإرادة السياسة لما كان الأمر على ما هو عليها بما يستوجب ربما الانتظار قرنا كاملا حتى تعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل عشر سنوات.. مسؤولية المجتمع الدولي لا تلغي في شيء مسؤولية بقية الأطراف وأولها النخب السورية حكومة ومعارضة بكل توجهاتها القومية والعلمانية والإسلامية أو غيرها من المعارضات في الداخل او في الخارج التي وجدت لها المقام المريح في لندن أو باريس أو روما أو الدوحة أو واشنطن وأنقرة أو موسكو أو غيرها من العواصم المتداخلة المتنافسة على حرق الجغرافيا وإلغاء التاريخ وطمس الهوية وقطع كل الحدود والروابط مع بيروت وبغداد وبقية القطار المتوقف منذ زمن طويل.. معها كل المعارضات التي جعلت لها من الدواعش قدوة ونموذجا والتي نسيت في خضم صراعاتها المفتوحة على السلطة ان هناك شعبا يختنق وأرضا تنتهك وتاريخا يزور ..

وقد كان من الطبيعي في ظل مخرجات مؤتمر المانحين أن تعبر السلطات السورية عن استهجانها من عقد هذا المؤتمر في غياب من يمثلها..

وبعيدا عن الانسياق وراء البحث عن شرعية النظام السوري من عدمه وبعيدا أيضا عن العودة إلى حقيقة وأبعاد وامتداد وسيطرة سلطة نظام الأسد على سوريا أو ما بقي من سوريا بعد عشر سنوات من التدمير الممنهج وحرب الاستنزاف التي جعلت من سوريا مقبرة مفتوحة ومخبرا لكل أنواع السلاح بما في ذلك السلاح المحرم  دوليا والذي تزودت به الحركات المسلحة والجماعات الإرهابية التي اخترقت سوريا واستوطنتها بدعم وتمويل من قوى إقليمية ودولية بعد ان تحول الربيع العربي الى خريف يجرف الأخضر واليابس وتحولت سوريا الى جحيم لأهلها.. صحيح انه تم الإعلان عن مبلغ قدر بـ6.4 مليار دولار لفائدة سوريا وصحيح ان الإدارة الأمريكية أعلنت عن تخصيص مبلغ ست مائة ألف دولار لمساعدة اللاجئين وان الدول المانحة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وضعت شروطا محددة قبل صرف المنحة المعلنة.. السلطات السورية اعتبرت أن مؤتمر دعم سوريا مهرجان استعراضي بالدرجة الأولى وانه للمرة الخامسة على التوالي يتم استبعاد سوريا وإقصاؤها من هذا المؤتمر وهو ما يجعل أهدافه غير قابلة للتحقيق لعدة أسباب بينها ما هو ميداني وبينها ما هو استراتيجي ويتعلق أساسا بواقع سوريا بعد عشر سنوات من الحرب وما سيؤول إليه الوضع في هذا البلد مستقبلا في ظل المواقف المحتشمة والدعوات المترددة حول ضرورة إنهاء الحرب السورية..

ما يثير الشكوك أن النسخة الخامسة من مؤتمر دعم سوريا قد لا يكون أكثر من موعد اخر ضائع فلا شيء يعكس رغبة جدية في إخراج سوريا من حالة الحرب ولا شيء أيضا يدفع إلى الاعتقاد بان هناك رغبة في وضع حد لمعاناة طال أمدها.. يقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، ان ملايين اللاجئين السوريين مدينون للدول المانحة ولدول الجوار في بقائهم على قيد الحياة وربما فات المسؤول الاممي انه كان سيكون أهون على المجتمع الدولي وعلى دول الجوار وعلى الشعب السوري لو دفع سماسرة الديبلوماسية باتجاه حفظ السلم منذ البداية وتجنب تعقيدات الحرب التي تظل تكاليفها البشرية والمادية والعسكرية اكبر واخطر لو توفرت منذ البداية فرصة تغييب لغة السلاح..

كاتبة واعلامية تونسية

(سيرياهوم نيوز-رأي اليوم4-4-2021)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

مجلس الشعب يصحو ويصوت اليوم على رفع الحصانة عن عضو متهم بالفساد

    صوّت 135عضو في مجلس الشعب اليوم لـ رفع الحصانة عن العضو فؤاد علداني وذلك بعد عدة كتب وجّهها وزير العدل إلى المجلس يطلب ...