آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من ثرثرات الحنين… جديد الشاعرة طهران صارم

من ثرثرات الحنين… جديد الشاعرة طهران صارم

عمار النعمة:

عندما تقرأ لها تدرك أنها تكتب للإنسان والوطن والحب والعاطفة والوجدان, ففي شعرها بوح ينبع من الذات, يعطي القصيدة نغماً متوازناً مفعماً بالشجن والمعنى والنفس الممتد.
عاشت تفاصيل الحرب فكانت مجموعاتها الشعرية “على مرمى رصاصة” متأثرة بما يجري في الوطن، وحضر المكان والزمان, ووثقت يومياتها بكل إرهاصاتها, فيما كانت المجموعات الأخرى متنوعة في مواضيعها وملامستها للواقع والمشاعر الإنسانية.
إنها الشاعرة طهران صارم التي تقدم جديدها اليوم بعنوان (من ثرثرات الحنين) عن الهيئة العامة السورية للكتاب ب 127 صفحة من القطع الصغير.
في مجموعتها اعتمدت صارم على تقنيات تعبيرية خاصة في تكريسها عن طريق السرد والتكثيف والتركيز في قصيدة النثر ففي قصيدة (مطر) ثمة مفردات بديعة ندية تطلقها الشاعرة على مسامعنا..
في الشوارع القديمة يمشي المطر بلا ظل
وحين يفيض حنيناً يطرق الأبواب
ليبقى غريباً لا تعرفه الأرواح
فقط حجارة الطريق تبكيه بلا دمع
تشيّعه كزائر على عجل
لا يجيد سوى البكاء.
والمتابع لشعر طهران ومن قراءة العين لتراكيب الجمل يلمس القارئ مفرداتها المتمردة, الممزوجة بتنهدات الروح ودفء المعاني الجميلة..
اليوم قررت أن أنساك
مرة أخرى.. صنعت قهوتنا الصباحية
وعمداً أخفيت فنجانك
مشيت في طرقات المدينة.. وحيدة من دونك
زرت المقهى الذي تحب واستمعت إلى الأغاني التي تحب
هكذا.. من دونك وحيدة.. وحيدة
وفي آخر النهار كتبت لك رسالة
لعنتك في أول سطر وفي آخر سطر
كتبت أحبّك.
المجموعة الجديدة حفلت بنصوص شعرية تتنوع بين الوجداني والعاطفي, وبنصوص تلامس صوراً من الحرب, ولا شك أن طهران قدمت صوراً إنسانية يقف القارئ عندها.. فهي تلون مفرداتها بحرفية عالية لتشعر بجمال القصيدة وبهائها, كيف لا وهي تنثر ثرثرات الحنين بلغة رصينة عميقة انسيابية لنص غني بالدلالات، تصنع خيطانها من حرير الأنفاس، فتتقد في شغف الشاعرية تارة, وتتقدم باللغة باطمئنان ويسر شديدين تارة أخرى..
المرأة التي على الشرفة ليست وحيدة
يرافقها صخب الأغاني الماضيات
وضجيج الذكريات
فنجان قهوتها وحيد وسريرها لها وحدها
إذاً هي وحيدة كشجرة
يكتب العابرون أسماءهم عليها.. ويمضون

نعم.. في لغتها رقرقة المياه, وفي شاعريتها هدير الأنهار.. عندما تكتب عن الحب تنساب الكلمات كماء الزلال… فهي التي تقول:
في دوّامة حبك..
صعب عليّ أن أدرك خيط الخلاص
حين تنحني الجهات وتتداخل
يصير الشمال جنوباً والشرق غرباً
وأتوه في حمى الأسئلة
وتوهمني الطريق في سرابها
لا نهاية.. لا بداية..

ولأن مرارة الحرب وجراحها الثخينة كانت في جسد كل واحد منّا, فتذهب الشاعرة طهران لتصورها وليكون الواقع هو الصخرة التي تتحطم عليها جمالية تلك الأبيات وإشراقاتها:
بلادي التي غاروا من عينها
أشعلوا يوم مولدها الحرائق
بلادي التي آلمتهم سماؤها
نسجوا من حقدهم لسمائها موتاً
وأفقت يوماً على جراحٍ
صراخ.. بكاء
قلت: أركضُ.. أركضُ
صوب البحر.. هناك ماء
لا نار فيه ولا دخان .
ومن المجموعة نقرأ:
هو ذا يحاكي ليله الشتوي
وعلى ضفاف الذاكرة يتنزه الوجع القديم
هو ذا يبوح بوجده
لفراشة غابت وغلت في اشتعالات الغروب
يغزل الضجر قصيدة
والثلج فوق أصابعه
زغب عصافير تنقر في دمه.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نحو إنجاز غير مسبوق للعرب.. المعجم التاريخي للغة العربية بعيون أدباء ومفكرين في مكتبة الأسد بدمشق

بهدف الاحتفاء بالمعجم التاريخي للغة العربية ودوره في التوثيق الشامل لمسيرة لغة الضاد عبر العصور، نظم مجمع اللغة العربية في دمشق بالتعاون مع مجمع اللغة ...