الرئيسية » كتاب وآراء » هل تحتاج عودة السيّد الحريري لرئاسة الوزراء في لبنان تدمير نِصف بيروت وتشريد 300 ألف مِن أهلها؟ وهل ستقبَل كُتلة المُقاومة بكُل شُروطه التعجيزيّة؟ ولماذا تتزامن مع شُروط أمريكيّة أكثر قساوةً في المُفاوضات الحُدوديّة البحَريّة والبريّة؟

هل تحتاج عودة السيّد الحريري لرئاسة الوزراء في لبنان تدمير نِصف بيروت وتشريد 300 ألف مِن أهلها؟ وهل ستقبَل كُتلة المُقاومة بكُل شُروطه التعجيزيّة؟ ولماذا تتزامن مع شُروط أمريكيّة أكثر قساوةً في المُفاوضات الحُدوديّة البحَريّة والبريّة؟

كان السيّد سعد الحريري رئيس وزراء لبنان السّابق في قمّة الكرم عندما أعطى السّياسيين اللّبنانيين 72 ساعةً للتّفكير في شُروطه للعودة إلى رئاسة الحُكومة اللبنانيّة باعتِباره، وشُروطه، المُنقِذ الوحيد للبنان من حالةِ الانهِيار التي يعيشها.

الآن، وبعد تدمير نِصف بيروت من جرّاء تفجير المرفأ الذي يجمع مُعظم الخُبراء أنّه جاء بفِعلِ فاعلٍ، ونتيجةً لعملٍ إرهابيٍّ غير مُستبعد أن يكون إسرائيليًّا بتَحريضٍ أمريكيّ، وعدم ظُهور نتائج التّحقيقات في الأسباب حتى بعد مُرور شهرين، وانهيار الاقتصاد والليرة تُؤكِّد شُكوكنا هذه التي تعزّزت بعد إفشال كُل المُحاولات لتَشكيل حُكومة لبنانيّة مُستقلّة، سواءً من قِبَل السيّدين حسان دياب أو مصطفى أديب، وها هو السيّد الحريري يُبادر مُتفَضِّلًا بعرضِ خدماته المَشروطة للعودةِ إلى رئاسة الوزراء.

شُروط السيّد الحريري، ومِثلما عرضها في مُقابلةٍ تلفزيونيّةٍ مساء الخميس يُمكن تلخيصها بعدّة نقاط أبرزها القُبول بشُروط صندوق النقد الدولي، وتنفيذ بُنود المُبادرة الفرنسيّة التي حمَلها الرئيس إيمانويل ماكرون، كخِيارٍ وحيد، لإعادة إعمار بيروت.

هذه الشّروط ليست جديدةً، ولكنّ الجديد أنّها جاءت مرفوقةً بالتّلويح بالحربِ الأهليّة هذه المرّة، وبرّر السيّد الحريري “تحذيره” أو “تهديده” هذا بِما تشهده شوارع لبنان من انتِشارٍ للسّلاح وعُروضٍ عسكريّة.

لا نَعرِف كيف سيكون ردّ فِعل كُتلة المُقاومة وحُلفائها على هذه الشّروط، واللّهجة الاستِعلائيّة التهديديّة للسيّد الحريري، وتصويره لنفسه على أنّه المُنقذ الوحيد للبِلاد، ولكن ما نَعرِفه أنّ تزامن هذه الشّروط مع التّجاوب مع الوِساطة الأمريكيّة، التي بدأت تُوسِّع دائرة شُروطها أيضًا، وتُحاول توظيف مُفاوضات ترسيم الحُدود اللبنانيّة “الإسرائيليّة” البحريّة والبريّة، يُوحي بأنّ هُناك من يُحاول استِغلال “مُرونة” هذه الكُتلة مع هذه الوِساطة الأمريكيّة، وتوظيفها لجرّ لبنان إلى طابورِ المُطبِّعين.

إنّها سِياسة العصا والجزرة الأمريكيّة الإسرائيليّة، فالبِداية كانت عرض المُفاوضات غير المُباشرة في النّاقورة تحت علم الأمم المتحدة، واقتِصارها على الفنيين، ثم جاء العرّاب ديفيد شينكر حِاملًا معَه مطالب بمُشاركة مُستشار نِتنياهو، والتِقاط صُورةً مُشتركةً شخصيّةً تجمع فريقيّ البلدين، ويعلم الله ماذا سيكون الطّلب القادم، ولا نَستبعِد نقل المُفاوضات إلى تل أبيب.

العصا الأمريكيّة الفرنسيّة الغليظة هي التّفجيرات والحرائق التي اندلعت في بيروت والجنوب، وتَجَدُّد المُطالبة بنزع سِلاح “حزب الله”، والتّلويح بسيف الحرب الأهليّة، أمّا الجزرة فهي صغيرة ذابلة ومسمومة تتمثّل في شُروط صندوق النّقد الدولي المُجحِفَة وغير المَضمونة.

السيّد الحريري يُحَذِّر من الحرب الأهليّة، ويُطالب بـ”البصم” على المُبادرة الفرنسيّة، والوِساطة الأمريكيّة ويُقدِّم نفسه على أنّه المُنقذ الوحيد المُستعد للتضحية والقُبول بتشكيلِ حُكومة “الخَلاص” الوحيدة للبنان.

هل تقبل كُتلة المُقاومة وحُلفاؤها هذه العَجرفة وشُروطها المُهينة؟ نترك الإجابة للأيّام المُقبلة، وماذا سيَحدُث خِلال مُهلة الـ 72 ساعة التي تَكرّم السيّد الحريري بإعطائِها للسّياسيين اللّبنانيين، وبعدَها لكُلّ حادثٍ حديث.

 

 

سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 10/10/2020

x

‎قد يُعجبك أيضاً

4 خيارات “انتحارية” أمام نتنياهو في غزة

الدكتور خيام الزعبي إذا كان هناك من قراءة لتداعيات ما يحدث في غزة، فهو عجز وفشل المشروع الإسرائيلي المزعوم في المنطقة، وأمام تفجر الوضع في ...