نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا كتبته رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، بعنوان “العالم يقف على حافة هاوية نووية – يجب أن نتجنب وقوع كارثة”.
وتبدأ أرديرن مقالها بالإشارة إلى استخدام الأسلحة النووية في النزاعات المسلحة للمرة الأولى والوحيدة، في عام 1945، ما أسفر عن مقتل 355 ألف شخص في هيروشيما وناغازاكي، في اليابان، بعد إلقاء قنبلتين نوويتين.
وتقول الكاتبة إنهما قنبلتان فقط. هذا الرقم وحده كفيل بأن يلفت نظرنا إلى ما وصلت إليه ترسانة العالم الحالية والتي تضم نحو 13 ألف سلاح نووي.
وتضيف أنه على الرغم من ذلك فإن الـ 13 ألف سلاح نووي الموجودة على مستوى العالم تمثل إحراز تقدم من عدة جوانب، فهي أقل من ربع 63 ألف سلاح جرى تداولها في عام 1985 خلال الحرب الباردة.
كما تلفت أرديرن إلى تصريح جون كينيدي أمام الأمم المتحدة في عام 1961 وتصفه بأنه باعث لحاجة ملحة حاليا ودائما، عندما قال: “يجب أن نمحو هذه الأسلحة قبل أن تمحونا”.
وتقول أرديرن إن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، على مدار ما يربو على 50 عاما، نهضت بدور مهم في الحد من خطر التسبب في فناء لنا، فضلا عن تخفيض تلك الأسلحة بنسبة تصل إلى نحو 80 في المئة. كما ساهمت المعاهدة في الحد من عدد الدول التي تمتلكها، إذ يفوق عدد الدول التي صادقت على المعاهدة عدد الدول المصادقة على أي اتفاقية أخرى للحد من الأسلحة ونزع السلاح.
وتضيف أن عالمنا معرض لخطر وقوع كارثة نووية أكبر من أي وقت مضى منذ ذروة الحرب الباردة، في ظل توتر العلاقات المتزايد بين القوى العظمى، وعقدين من التقدم المتعثر بشأن الحد من تلك الأسلحة والذي دفع خطر هذه الأسلحة إلى أن يصبح واقعا.
وتجتمع 191 دولة في الأمم المتحدة لتجديد معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، كما تجرى مفاوضات تتيح فرصة لبث روح جديدة في نزع السلاح النووي في وقت يحتاج فيه العالم إلى ذلك أكثر من أي وقت مضى.
وتقول أرديرن إن الكارثة النووية ليست تهديدا مجردا، بل هي خطر حقيقي في العالم، في ظل إمكانية نشر الأسلحة النووية في أي صراع، كما ألمح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أو إمكانية نشرها عن طريق سوء تقدير أو بالخطأ، وهي احتمالات حقيقية في أوقات التوتر.
وتدعو نيوزيلندا الدول المالكة للأسلحة النووية، الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، إلى التراجع عن حافة الهاوية النووية، والالتزام بالتفاوض بشأن إطار جديد متعدد الأطراف لنزع السلاح النووي.
وتسأل أرديرن لماذا تهتم نيوزيلندا بشدة بهذه المشكلة؟ وتجيب بأن نيوزيلندا دولة من دول المحيط الهادئ، في منطقة تحمل ندوب عقود من التجارب النووية، على الناس والأراضي والمياه في منطقتنا. لهذا السبب تفخر نيوزيلندا بأنها خالية من الأسلحة النووية ومدافعة دولية عن عالم خال من الأسلحة النووية على مدى 35 عاما.
وتقول أرديرن إن الدروس المستفادة من هيروشيما وناغازاكي، والتجارب في المحيط الهادئ، تذكرنا بدرجة كافية بأنه لا يوجد أي مبرر مطلقا لنشر الأسلحة النووية، حتى وإن بدت تحديات الاتفاق على نزع السلاح النووي متعدد الأطراف هائلة، إلا أنها ليست بالمهمة التي يمكن تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
وفي ظل معاناة المعاهدة حاليا من ضغوط، وتأثرها بالتطورات الجيوسياسية بما في ذلك التوتر بين الدول المالكة للأسلحة النووية، يبرز شك وإحباط متزايد بشأن نية الدول المالكة للأسلحة النووية في تنفيذها الكامل لالتزامات نزع السلاح النووي بموجب المعاهدة، إذ تقول تلك الدول إن البيئة الأمنية العالمية تجعل القيام بذلك أمرا بالغ الصعوبة.
وإذا استمر الأمر على هذا المنوال، كما تقول أرديرن، فثمة احتمال حقيقي بأن تفقد الدول الثقة بالمعاهدة، ما يعرض دور المعاهدة في تقدم نزع السلاح النووي للخطر.
وتضيف أنه إن كان البعض يقول إن الوضع العالمي الحالي يحتم وجود سباق جديد للتسلح النووي، مع مزيد من التقويض لجهودنا في نزع السلاح النووي وعدم الانتشار، فثمة حاجة ماسة إلى مسار مختلف: مسار يتطلب قيادة عاجلة، ويتضمن الاعتراف بالهاوية النووية التي نقف عليها جميعا، والاستمرار في جهودنا لتخليص العالم من تلك الأسلحة النووية. هذا ليس ممكنا فحسب، بل ضروري.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم