آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » بين النقد البنّاء والنقد المدمّر

بين النقد البنّاء والنقد المدمّر

 

كتب محمد خير الوادي

لقد وفرت الثورة حرية الكلمة للجميع في سورية، وحطمت القيود والسلاسل التي كممت الأفواه، وأحيت حرية التعبير والحوار والانتقاد . وفي اجواء الحرية هذه ، لا بد من التفريق بين تيارين اصبحا واضحين الان ، الاول : هو النقد البناء ، الذي يدل على الاخطاء بقصد معالجتها،و ينطلق من نيات طيبة صافية للنهوض بسورية ،ويساعد في تحسين الظروف المعيشية لشعبها، ويسلط الضوء على ما تحقق من انجازات وجهود خيرة ، والثاني ، هو النقد المدمر ، الذي يسعى للنيل من الثورة، وتشويه مقاصدها و ضرب ثقة الشعب بها واضعاف تأييده لها .واللافت في الأمر ، ان حالات النقد السلبي هذه التي تمارس الان ، تتحول شيئا فشيئا من جهود فردية مبعثرة ، إلى حملات نفسية منسقة ومنظمة ، تتصيد الاخطاء وتركز عليها وتصخمها ، وتغفل عمدا الإيجابيات والإنجازات التي حققتها الثورة، وتبرز المواقف الدولية المشككة بها ،وتروج للأخبار المزيفة ،وتزرع اليأس والقنوط في النفوس . وليس بخاف على احد ، ان هدف هذه الحملات التي تطورت إلى حرب نفسية حقيقية ، ليس الإصلاح والبناء ، بقدر ما هو اجهاض الثورة، عبر السعي المبرمج لطمس انجازاتها، والسخرية من رموزها وشعاراتها، والعمل على احياء الفتن الطائفية ، وخلق حالة نفسية من والإحباط بين الشعب . وانا اريد ان اسأل منظمي ومنفذي هذه الحملات النفسية المضادة: ماذا تريدون بالضبط ؟ إذا كنتم تسعون كما -تدعون – إلى اصلاح الأمور ، فأنكم تسلكون طريقا غير صائب لن يؤدي إلا لمزيد من المشكلات . واذا كنتم- كما تقولون – تمارسون حرية الكلمة من اجل مصلحة الشعب السوري , فهذا يفرض عليكم التخفيف من غلوائكم وتشنجكم، وتحكيم العقل ،والابتعاد عن ردات الفعل العاطفية وتقديم الواقع بايجابياته وسلبياته. انتم تعرفون بالتأكيد، الحالة المزرية والخراب الذي تركه وراءه النظام المنهار في سورية ، وتدركون ان اصلاح هذا الخراب لن يأتي بين ليلة وضحاها، وتوفير الامن لن يتم إلا حين تستكمل الدولة بناء هياكلها الامنية، وحصر السلاح في يدها وملاحقة من رفضوا التسويات واستمروا في رفع سلاحهم لترويع الآخرين . وتحقيق النمو الاقتصادي واعادة المهجرين بحاجة إلى أموال طائلة. وليست بخافية عنكم جهود الادارة في رفض مبدأ الثأر وتحقيق العدالة الانتقالية بحق من مارسوا القتل والتعذيب في السجون، واخفوا مئات الالاف من الأبرياء الذين لا يعرف احد مصيرهم حتى اليوم. ثم أنكم ترون بام أعينكم كيف ينمو وزن سورية العربي والدولي ، ويزداد حجم تضامن الأشقاء والأصدقاء معها . كما أنكم قد اطّلعتم على منهاج السلطة القائم على وحدة الشعب السوري وسلامة أراضيه ونبذ الطائفية .و لم تفتكم جهود الادارة في تمكين المرأة واعطائها كل الفرص في ادارة الدولة . هذه كلها حقائق واضحة .وطالما الامر كذلك ،. فلماذا الإصرار على تسويد كل شيء في سورية؟ .و لماذا تتجاهلون اكبر انجاز تحقق، وهو تدمير نظام القتل والإجرام الذي اسر الشعب السوري نصف قرنٍ ونيف ؟ وماذا يعني تجاهلكم لهذه الحقائق كلها وإصراركم على التمسك بمواقف مسبقة معادية للثورة وأدارتها ؟ . اقول بصراحة ، إذا كان لدى بعض منكم اوهام بامكانية تجميع حطام النظام السابق وبث الحياة فيه ، فهذا الأمر يشبه امل أبليس في الجنة . وجهودكم في هذا الاتجاه لن تثمر سوى خيبة ومرارة . واختم بتذكيركم، ان سورية اليوم بحاجة إلى الجهود البناءة للسوريين كلهم ، والشعب السوري الذي أنهكه النظام الذي ناخ عقودا طويلة على رقبته ، يريد الهدوء والسلام والاستقرار والازدهار ، وليس التوتر والتشاحن . واخيرا وليس آخرا ،الحرية هي هبة الثورة لنا جميعا ، وينبغي ان نحرص عليها ونستخدمها لرفعة سورية ومستقبلها، لا لنبش المظلم من التاريخ والحاضر . ورحم الله من قال . ان من ينبش القبور يرى منامات مزعجة بل مريعة .
(موقع اخبار سوريا الوطن 2-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لاحرية مع الوصاية

  سمير حماد الأوضاع الراهنة تشكل صدمة للتنوير، لأن الناس لا يزالون بعيدين عن استخدام عقولهم المستقلة في أمور الدين والدنيا , لما فُرض عليهم ...