آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » بعد هدوء العاصفة الترامبية..!

بعد هدوء العاصفة الترامبية..!

 

 

كتب محمد خير الوادي:

 

تريثت في الكتابة عن زيارة الرئيس ترامب الى اسرائيل وقمة شرم الشيخ ، الى حين تلاشي ” العواصف ” الالكترونية التي اثارها هذا الحدث الكبير ، واتضاح الرؤيا الحقيقية وتبدد الضباب الاعلامي ،وظهورالاجزاء الحقيقية للصورة ،بعيدا عن الصخب السياسي والتضخيم المقصود .

 

هناك وقائع مسلم بها ، في مقدمتها ، ان ترامب كان صادقا في سعيه لوقف ” الحرب ” ، واطلاق سراح المحتجزين الاسرائيليين ،حتى لو وصل ثمن ذلك الى حد ، اجبار اسرائيل على الافراج عن بعض الاسرى الفلسطينيين ، وانسحاب محدود في غزة ، والسماح بتدفق المساعدات . ونيات الرئيس الامريكي كانت مخلصة كذلك ، في نشر تباشير السلام ، و كسرحواجز العداء في المنطقة . وفي هذا المجال ، فان جهود ترامب تستحق التقدير والثناء .

 

لكن هناك مشكلتان بهذا الخصوص ، الاولى تكمن في الفهم الاسرائيلي لخطوات ترامب ونياته . فنتنياهو يحاول جاهدا التلاعب بالجهود الامريكية وافراغها من مضامينها، عبر طمس الوقائع المولدة للصراع ، واخفاء اسباب استمرار التوتر وانفجار الحروب في المنطقة ، واهمها تجاهله للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ومواصلة اسرائيل لنهج الاحتلال والتوسع في فلسطين والمنطقة .كما تحاول اسرائيل – مع بداية المرحلة الثانية من خطة ترامب – بث وهم السلام في سماء المنطقة ،والحصول مقابل هذا الوهم ، على تنازلات مجانية ،فلسطينية وعربية ودولية ( كسر العزلة ) . وفي هذا الاطار ، تحدث النتن – في تراجع تكتيكي -عن رغبته في السلام ، واعلن ان يد حكومته “ممدودة” لمن يرغب في بناء هذا السلام ، ولكنه تجاهل عمدا الحديث عن متطلبات هذا السلام واهمها ، اقامة دولة فلسطينية . كما يتمسك نتنياهو بسياسة التهجير ،ويعارض مبدأ الانسحاب والعودة الى حدود حزيران عام 1967 ، ويسعى الى ضم الضفة الغربية ، كما فعل مع الجولان والقدس .

 

والمشكلة الثانية ، هي في عدم وضوح مفهوم الرئيس ترامب لاسس السلام العادل في المنطقة . ومما يثر القلق ، ان الرئيس الامريكي قد فاخر باعترافه بالضم الاسرائيلي للجولان والقدس ،وامتدح اسرائيل لحسن استخدامها للاسلحة الأمريكية في غزة ، واعلن التزامه الصارم بوقوف واشنطن الى جانب اسرائيل .

 

لا ادري ان كانت تصريحات الرئيس ترامب هذه ، مجرد حبوب تهدئة ، تعطى لمتطرفي اسرائيل بغية تخفيف ضغطهم على نتنياهو .لكن الامر سيكون خطيرا ،فيما لو كانت هذه التصريحات تجسد الموقف الحقيقي للرئيس الامريكي وتعبر عن قناعاته . لانه لو صح ذلك ، فان السلام الراسخ في الشرق الاوسط لن يكون ابدا بمتناول اليد ، ولن يتعدى ما جرى في شرم الشيخ ، ان يكون مجرد هدنة ، ستعقبها انفجارات جديدة .

 

واختم مقالتي هذه بالتوجه الى الرئيس ترامب بالقول : لقد اثمرت جهودكم اتفاقا تاريخيا بايقاف المجزرة في غزة ،وخلقت اجواءا ايجابية للتحرك نحو السلام في الشرق الاوسط ، والمطلوب الان استمرارا هذه الجهود ، وان لا تكتفي واشنطن بالاصغاء لاسرائيل فقط ، بل ان تكون منفتحة على اطراف الصراع كلها في الشرق الاوسط .

 

ولكي لا يستفرد نتنياهو بترامب ، فان الدول التي شجعت الرئيس الامريكي على اطلاق مبادرته السلمية، واقصد السعودية ومصر وتركيا ، مطالبة ببذل جهود استثنائية جديدة لدى ترامب ، وعدم السماح لنتنياهو بفرض ما يريد مرة اخرى على الادارة الامريكية .

(أخبار سوريا الوطن1-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

فرصة نادرة في زمن الانهيار

    أنس جوده   في زمنٍ منهك ومفتّت مثل الذي تعيشه سوريا اليوم، لا تبدو هناك فرصة أهمّ من تفاهمٍ جدّي بين “قسد” والسلطة، ...