| علاء حلبي
جدّد اتّهام تركيا، أحزاباً كردية تنشط في سوريا، بالمسؤولية عن تفجير إسطنبول، التهديدات بشنّ عملية عسكرية ضدّ مناطق سيطرة «قسد»، كانت أنقرة فشلت مراراً في انتزاع ضوء أخضر روسي – أميركي لتنفيذها. وإذ لا تزال العقبات ماثلة أمام أيّ تحرّك تركي من هذا النوع، في ظلّ استمرار «فيتو» واشنطن وموسكو، والحالة الميدانية المعقّدة التي تعيشها مناطق نفوذ أنقرة شمالاً، فإن البديل من ذلك قد يكون تسعير الهجمات الموضعية على مواقع «قسد» وقياديّيها، وهو ما يَظهر أنه بدأ بالفعل
على عكْس التهديدات السابقة، جاءت التهديدات التركية بشنّ عملية عسكرية في سوريا، هذه المرّة، أقلّ حدّة واندفاعاً، سواء على لسان بعض المسؤولين، أو حتى في تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي تحدّث ضمن خطوط عريضة خلال مؤتمر صحافي عَقده أثناء حضوره قمّة «مجموعة العشرين» (G20) في جزيرة بالي الإندونيسية. على أن تصريحات إردوغان الجديدة لم تَخْل من الإشارة إلى الدور الأميركي في دعم الأحزاب الكردية التي تَعتبرها أنقرة «إرهابية»، حيث قال إن «مَن يدعم التنظيم الإرهابي بحجّة محاربة “داعش” هُم أيضاً شركاء في كلّ قطرة دم تُراق». وجاء هذا الكلام استكمالاً لآخر مماثل أطلقه وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، الذي أعلن رفْض بلاده قبول تعزية السفارة الأميركية بضحايا تفجير إسطنبول، في وقت كانت ارتفعت فيه حدّة الاحتكاكات التركية – الأميركية في سوريا، إثر انحياز أنقرة إلى موسكو، وانخراطها في المسار الروسي للحلّ.
مسؤولون أميركيون قدّموا تطمينات جديدة لـ«قسد» بعدم حدوث أيّ تقدّم برّي تركي
وتُبدي مصادر كردية، في حديث إلى «الأخبار»، مخاوفها من استثمار تركيا تفجير إسطنبول – والذي نفى مسؤولون في «الإدارة الذاتية» وقائد «قسد» مظلوم عبدي تورُّط أيّ حزب كردي فيه – لرفْع مستوى الهجمات التي تنفّذها مسيّرات تركية ضدّ مواقع لـ«قسد»، لافتةً إلى أن القوات الكردية المنتشرة على جبهات القتال بدأت بالفعل اتّخاذ خطوات لمواجهة ذلك، بالإضافة إلى تعزيز القيود الأمنية على تحرّكات قياديّي «قسد» و«حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي يقود «الإدارة الذاتية»، خصوصاً أن وتيرة الهجمات عبر المسيّرات ارتفعت بالفعل، وفق المعلومات. وتتحدّث المصادر الكردية عن تطمينات جديدة لـ«قسد» بعدم حدوث أيّ تقدّم برّي تركي في الوقت الحالي، من دون ضمانات بخصوص غارات الطائرات من دون طيّار، والتي كانت تركيا اتّخذتها بديلاً بعد تعثّر حصولها على موافقة روسية – أميركية على شنّ عملية كانت تأمل من خلالها قضْم مناطق في ريف حلب، أبرزها تل رفعت ومنبج. وتَعتبر المصادر التهديدات التركية الجديدة «محاولة لجسّ النبض مرّة أخرى حول إمكانية شنّ مِثل هذا الهجوم، بالنظر إلى الموقف الأميركي والروسي، والحالة الميدانية المعقّدة التي تعيشها مناطق سيطرة أنقرة شمالاً بعد الاقتتال الفصائلي، وفي ظلّ عمليات إعادة هيكلة الفصائل الجارية حالياً».
وإلى جانب ما تَقدّم، تستهدف التصريحات التركية الجديدة، أيضاً، تهدئة الأجواء الداخلية التي شهدت تصاعداً كبيراً في خطاب الكراهية ضدّ اللاجئين السوريين، على خلفية استغلال هذا الملفّ في العملية الانتخابية الرئاسية. ولربّما يكون من شأن هذا التصاعد دفْع إدارة إردوغان إلى تسريع وتيرة ترحيل اللاجئين السوريين، الذين تُقدّر الداخلية التركية عددهم في الوقت الحالي بنحو 3.5 ملايين سوري، بعد ترحيل أكثر من 500 ألف إلى مساكن مؤقّتة ضمن مشروع «مدن الطوب».