لا أعلم هل هو (الحسد أم الغيرة؟!), تلك المشاعر التي تملكتني ووصلت حد الغبن من صحفيين في دولة الهند قرأت مقالاً عنهم، حرّر قبل عدة سنوات استطاعت فيه حالة الشيوع والانتشار لظاهرة الفساد استقطاب عدد كبير من الصحفيين والتنافس فيما بينهم, لتحقيق أكبر عدد ممكن من الكمائن والمكائد للإيقاع بعدد لا بأس به من البرلمانيين في فخ الرشوة, وخطة الصحفيين كانت تعتمد أولاً: على التنكر -دلالة على معرفة الشارع بهم- بغية توريط البرلمانيين بمقالب فحواها اعتماد الصحفي اسماً لمؤسسة وهميّة, تطلب من البرلماني الهندي طرح عدد محدد من الأسئلة مقابل مبلغ من المال، الطريف في القصة ليس قبول البرلمانيين بالمبلغ وطرق المساومة عليه, بل في سذاجتهم التي جعلتهم ينقلون الأسئلة التافهة من قبيل:
-أما آن الأوان للحكومة لتسهيل إجراءات استيراد التقنيات المتقدمة مثل (البينبانغس والسلوغكس والبليكلروس ؟؟).
-هل رفعت الوزارة المنع المفروض على فيلم ( الذي طار فوق عش الوقواق) و(الخوف والاشمئزاز في لاس فيغاس)؟؟
طبعاً في كل الأسئلة تم توريط البرلمانيين بأسماء وهمية طرحوها في مجلسهم, ما أثار موجة سخرية وضحك, ليس في القاعة فقط بل وبعد نشر وتوثيق قبولهم المصور للرشوة, ماجعلها مواد دسمة أغرت القنوات التلفزيونية على التنافس في تحصيل أكبر عدد ممكن من اللدغات البرلمانية المصورة..
حالة الغيرة التي استحوذت على مشاعري ليست من التكنيك الصحفي الذي ابتدعه الإعلاميون في الهند ولا بالسبق الصحفي الذي حققته مؤسساتهم الإعلامية ولا حتى في صعوبة استجرار أسئلة ممكن أن أحررها للإيقاع بأحد الفاسدين!, بل بالمبلغ الذي كان في حوزة وجيب الصحفيين الذين أتموا مهماتهم أحسن إتقان.
فالإعلامي كي يستطيع إنجاز (التحقيق الاستقصائي) وكشف الزور والرشوة, ومكامن الفساد لا يحتاج آلية سؤال المكتب الصحفي في وزارة ما, ولا الاعتماد على صور متحركة لأنشطة المسؤولين وحراكهم الاعتيادي في مديرياتهم..
ما نحتاجه أولاً وأخيراً تفشي حالة الرشوة والفساد؟!.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)