كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة فجر اليوم، والعاملون داخل مخبز مخيم النصيرات يسابقون الوقت لإعداد الخبز لنحو 50 ألف فلسطيني في المخيم.. فجأة تساقطت صواريخ الاحتلال وقنابله على المخبز، ليستشهد من بداخله من عمال لم يذوقوا طعم الراحة على مدار الساعة، لتوفير الخبز للمنكوبين والنازحين في مراكز الإيواء التي أقامتها وكالة الأونروا.
نيران القصف الإسرائيلي، والدخان المنبعث من المخبز حاصرت مركز الإيواء في مخيم النصيرات، وتعالى صراخ الأطفال والنساء مع تسرب الغاز من الاسطوانات الموجودة داخل المخبز، وهرع الجميع يحملون أطفالهم وهم نيام، خوفاً من انفجار الاسطوانات التي أحدثت بالفعل انفجارات هائلة جراء القصف.
محمد أبو دحروج الذي كان يتواجد بجانب المخبز داخل سيارته التي يتخذها بيتاً له بعد أن فقد منزله في القصف الإسرائيلي قال لمراسل سانا: إن شظايا الصواريخ ولهبها حطمت نوافذ سيارتي ونجوت من الموت بأعجوبة.. أشلاء ودماء وزجاج تطاير في المكان، والحصيلة ثلاثة شهداء من عمال المخبز، وإصابة آخرين من العمال ومن كانوا ينتظرون الخبز.. الاحتلال يريد قتل أطفالنا الذين نجوا من قصفه جوعاً، مشيراً إلى أن القصف على مخيم النصيرات لم يتوقف طيلة الليلة الماضية، ناشراً الرعب في صفوف الأطفال والنساء.
من جانبه أوضح حسن نبهان أن قصف طيران الاحتلال المخبز وقتل وإصابة من فيه جريمة هدفها تجويع الفلسطينيين حتى لا يجدوا كسرة خبز يسدون بها جوعهم.. هي جريمة بشعة تأتي في إطار الإبادة الجماعية والحصار الإسرائيلي الظالم، لافتاً إلى أن المواد الغذائية نفدت، وبالكاد يحاول الأهالي بالشحيح الذي تبقى منها إسكات صراخ الأطفال الذين باتوا يعيشون أوضاعاً صعبة لعدم توافر المياه والغذاء.
ولا تقتصر خطورة الوضع على عدم توافر الغذاء، فمياه الشرب غير متوافرة أيضاً لتوقف محطات الضخ نتيجة انقطاع الكهرباء لليوم العاشر على التوالي، ما تسبب بنقص حاد في المياه، ولجوء الكثير من الفلسطينيين لشرب مياه ملوثة حتى لا يموتوا عطشاً.
صبحي زكي وهو أب لأربعة أطفال يقول: إن الحصول على قطرة ماء في غزة يعادل الروح.. فالأمر يستغرق رحلة لساعات طويلة تحت القصف لجلب المياه للأطفال، وأحياناً ننجح، وفي أغلب الأحيان نفشل لعدم عمل محطات التحلية، محذراً من انتشار الأمراض في صفوف الأطفال والنازحين الذين يعانون من انقطاع المياه.
العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم الـ 12، والحصار المشدد الذي يفرضه عليه، يهددان بكارثة إنسانية وصحية بحق أكثر من مليوني فلسطيني، مع نفاد المياه والغذاء والوقود والأدوية، نصفهم باتوا نازحين في مراكز الإيواء والمدارس التابعة للأونروا، علهم ينجون من جحيم الصواريخ وقذائف الاحتلال التي تطاردهم في كل مكان، موقعة آلاف الشهداء والجرحى، ليطاردهم الجوع والعطش ومخاطر انتشار الأوبئة.
سيرياهوم نيوز 2_سانا