طلال ماضي
مع صدور نتائج المفاضلة العامة، وبغض النظر عن التغيرات في المعدلات، على جميع المتقدمين التوقف لحظة لإعادة ترتيب الحسابات قبل ملء جدول الرغبات.
لقد كانت ثقافة السوريين سابقًا تتجه نحو الطب والهندسة، وكان الكثيرون يختصرون الطريق نحو التعليم أو نحو الأفرع التي تؤمّن وظائف مثبتة في الدولة، انطلاقًا من قناعة شعبية تقول إن الوظيفة هي الأمان للمستقبل.
لكن اليوم، السؤال الأهم هو: ما الذي تغير؟ الجوهر أن الدولة انتقلت من الفكر الاشتراكي إلى الفكر الرأسمالي، ومن التوظيف الاجتماعي إلى العمل بعقلية السوق.
أي أن التفكير الرسمي بالوظيفة العامة تغيّر 180 درجة. ومن يضع في رأسه أن الرغبة الجامعية يجب أن تكون من أجل الوظيفة، عليه أن يعيد النظر في خياراته ويدرسها جيدًا، كي لا يسقط في فخ مجهول.
المفاضلة العامة
نظام الدولة وبنيتها تغيّرا، وقانون العاملين الأساسي في طريقه إلى التعديل أو الإلغاء، ليحلّ مكانه قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي يحمل مفاجآت غير متوقعة، منها: عدم الالتزام بالتوظيف الدائم والمثبت و اعتماد التوظيف بعقود مؤقتة و تقييمات دورية قد تؤدي إلى صرف الموظف من الخدمة و إعادة هيكلة الفئات الوظيفية و تغييرات في آليات الترقيات والرواتب.
كل ذلك يجعل من الوظيفة العامة خيارًا غير مضمون، خاصة مع الرواتب الهزيلة التي تدفع الجميع إلى التفكير خارج الصندوق، والاتجاه نحو العمل الخاص. لذلك، هذه دعوة جادة لكل من لديه أبناء يتقدمون للمفاضلة: ابحثوا بعمق قبل تسطير الرغبات، ولا تهدروا تعب 18 سنة من الدراسة. فكّروا بميول الطالب، ووجّهوه نحو تعلم المهارات الحياتية إلى جانب العلمية. ابتعدوا عن التفكير التقليدي الذي كان قائمًا على أن الحكومة مسؤولة عن كل خريج.
العمل في سوق متوحش
اليوم، الجامعة أصبحت مكانًا لتعلّم مهنة، من أجل العمل في سوق متوحش، هو القطاع الخاص. قد يرى البعض أن هذا الطرح غير منطقي، لكن عليه أن يعيد النظر في أداء الحكومة، ويراقب التغيرات الجوهرية التي تحدث في المؤسسات، من التخلص من العاملين المثبتين إلى التوجه نحو التعاقد المؤقت، دون التزام بتوظيف أي خريج، سواء كان مهندسًا أو غيره.
في النهاية، هي دعوة بسيطة لكل من لديه طلاب: دعوا خياراتكم تنطلق من ميول أولادكم، وعلّموهم مهارات الحياة، ووجّهوا البوصلة نحو سوق العمل الحقيقي. نعم، السوق موحش، لكنه للأقوى. ابحثوا عن المهارات غير المتوفرة في سوريا، فالمستقبل للمهارة، لا للشهادة .
والمستقبل للتقرب من السلطة كما رأيتم في تعديل قوانين تسمح بالتقدم لمنصب رفيع حتى لمن لا يحمل شهادة الثانوية.
نتمنى التوفيق لجميع المتقدمين.
(أخبار سوريا الوطن2-A2Zsyria)