*كتب رئيس التحرير:هيثم يحيى محمد
يبدو أن حكومتنا تعمل في العديد من القضايا الأساسية والملحة استناداً على ماتقوله بعض الأمثال الشعبية مثل “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً ،وأن الكحل أفضل من العمى ،وأن القليل خير من الحرمان”متجاهلة الآثار الكارثية التي يخلفها هذا التأخير وهذا التراخي في قراراتها على شرائح كبيرة من أبناء الوطن سواء في المجال الزراعي -كما هو الحال في تسويق الحمضيات اليوم-أو في مجال الكهرباء والطاقات المتجددة،أو في المجالات الأخرى وما أكثرها
لقد استفزني كثيراً ماحصل امس من استنفار حكومي فجائي لتسويق ماتبقى من موسم الحمضيات ، بدأ في جلسة مجلس الوزراء من خلال اتخاذ بعض القرارات ،ثم في تصريحات الوزراء المعنيين حول ماتقرر ،ليختتم مساءً في اجتماع ترأسه رئيس مجلس الوزراء في محافظة اللاذقية بحضور بعض الوزراء ومحافظي اللاذقية وطرطوس وبعض أعضاء مجلس الشعب وبعض المسؤولين الآخرين، (كنا نتمنى لو حضر الاجتماع عدد من الفلاحين الذين يعيشون الوجع الحقيقي ليتحدثوا امام المجتمعين بأسباب هذا الوجع وتداعياته عليهم وعلى المنتجين وزراعة الحمضيات)
وسبب الاستفزاز هو ان الحكومة لم تبادر وتتحرك سابقاً كما يجب من اجل التسويق الداخلي والتصدير للخارج رغم كل ماكتبناه وكتبه زملاء لنا في وسائل الاعلام الوطنية عن الكارثة التي ستحل بالفلاحين المنتجين وبزراعة وإنتاج الحمضيات إذا لم تتحرك وتنجح في تسويق انتاج هذا الموسم ،إنما كان تحركها اليوم بتوجيه مباشر من السيد الرئيس بشار الاسد بعد ان وصلت الأمور لمرحلة حرجة ومؤلمة جداً كما نعلم جميعاً
أما الأدلة على عدم تحركها (المطلوب)في الشهور الماضية وتحديداً من بداية الموسم فهي واضحة وضوح الشمس ،ولا يمكن ان يحجبها تكذيب لصور منشورة من هنا ،ولا تصريح حول التسويق والتدخل الإيجابي من هناك ، ومن سمع الفلاحين وشاهد الصور الحية للإنتاج المرمي على الأرض تحت أمه ،ومن زار ويزور الحقول ويلمس انين المنتج ،ويشاهد دموع الحزن تنهمر على خده من الحال التي وصل اليها يدرك مدى التقصير الذي حصل حتى الان بعد مضي اكثر من ثلاثة أشهر على بدأ الانتاج ،سيما وان ماسوقته السورية للتجارة لايشكّل واحد بالمئة من الانتاج،كما ان ماتم تصديره للخارج يكاد لايذكر !
ان إنقاذ ماتبقى من الموسم أمر في غاية الضرورة ،ونجاح الحكومة في ذلك يتوقف على أمور عديدة سبق وذكرناها في زوايا ومواد صحفية سابقة ،منها بالنسبة للتسويق الداخلي مايتعلق بالأسعار التأشيرية التي يجب ان تغطي الكلفة وتحقق هامش ربح مقبول للفلاح ،ومنها مايتعلق بآلية التواصل مع الفلاحين والوصول الى حقولهم والشراء منهم مباشرة بالأصناف والكميات المتوافرة بعد ان تم وضع كل الإمكانيات تحت تصرف السورية للتجارة ،ومنها مايتعلق بتخزين أو بيع وتصريف مايتم تسويقه عبر الصالات أو المشافي أو الجيش أو معامل العصر التي يجب ان تلزم بأخذ حاجتها من السورية التجارة وليس من اسواق الهال في هذه الفترة ..إلخ
أما نجاحها في تصدير كميات جيدة من الانتاج المتبقي فيتوقف على تخفيف تكاليف الرسوم المختلفة واجور النقل البري للدول المجاورة،وامكانية السماح لمصدري الحمضيات باستيراد مايودون استيراده من مواد من الخمسين بالمئة من القطع الذي يبقى معهم،كما يتوقف على احداث خط نقل تجاري بحري بين مرافئنا ومرافئ روسيا من شأنه تخفيف اجور النقل الى النصف وبالتالي إمكانية منافسة الحمضيات المصرية وغيرها في الأسواق الروسية التي تستوعب كميات ضخمة جداً.. وكل ماعدا ذلك يبقى كلام بكلام لايغني ولا يسمن من جوع
(سيرياهوم نيوز12-1-2022)