آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » مصر بمواجهة التفرّد الإثيوبي: الرهان على الوعود الغربيّة… والحظّ!

مصر بمواجهة التفرّد الإثيوبي: الرهان على الوعود الغربيّة… والحظّ!

تبدو بوصلة القاهرة في التعامل مع أزمة سدّ النهضة مفقودة، ليبقى الملفّ الممنوع تناوله في الإعلام المصري، والذي يشكّل تهديداً حقيقياً لحياة ملايين المصريين، رهينة وعود يقول الرئيس المصري إنه حصل عليها من «المجتمع الدولي»، من دون ضمانات بتنفيذها. وبينما تعيد السلطات تحريك خطوط اتصالاتها في أعقاب إعلان إثيوبيا البدء بإنتاج الكهرباء من السدّ، تتكاثف المعلومات التي تفيد بأن رهانات مصر لا تزال موضوعة على عوامل قد تكون قابلة للتنبّؤ، لكنها حتماً عرضة لمتغيّرات كثيرةالقاهرة | يتنقّل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ما بين الدول الأوروبية والآسيوية وفي المحافظات المصرية مستعرِضاً إنجازاته، في وقت لم يتمكّن فيه من التعامل مع قضية تشكّل أخطر قضايا الأمن القومي خلال العقد الأخير، ليس فقط بسبب تأثيراتها على معدّلات تدفّق مياه النيل، ولكن أيضاً لتداعياتها السلبية المتوقّعة على المدى الطويل، والتي ستجعل من إثيوبيا متحكّماً رئيساً ووحيداً بكمّيات المياه المتدفّقة من المنابع الرئيسة للنهر. وإذ يبدو أن القاهرة لا تملك، إلى الآن، آلية واضحة وحاسمة للتعامل مع أزمة سدّ النهضة، فهي لم تستطع اتّخاذ موقف حازم حيال إعلان أديس أبابا بدء توليد الطاقة الكهربائية من السدّ، باستثناء اعتبارها إيّاه مخالفاً لاتفاقية إعلان المبادئ التي وقّعها السيسي في الخرطوم قبل 7 سنوات، وعَدّها إيّاه أيضاً محاولة من قِبَل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتصدير انتصار في الداخل، فضلاً عن تقليلها من شأنه على اعتبار أن توليد الكهرباء بقدرة 375 ميغاواط من أحد التوربينات، لا ينتج فقط سوى نحو 8% فقط ممّا ترغب إثيوبيا في توليده من السدّ، الذي يُفترض أن ينتج أكثر من 5150 ميغاواط، أي ما يفوق ضِعف الإنتاج الإثيوبي الحالي من الكهرباء.

وبينما يواصل آبي أحمد تنفيذ وعوده بتشغيل السدّ، ولو متأخّراً لأسباب عدّة، تكتفي القاهرة بالنشاط الاستخباراتي ومحاولة محاصرة إثيوبيا والضغط عليها للتراجع عن خطواتها. وهذان المساران أظهرت فيهما أديس أبابا تفوّقاً نوعياً على رغم كثرة الضغوط المسلَّطة عليها، في حين بقي الرهان المصري الرئيس على تغيير النظام الإثيوبي والاضطرابات الداخلية التي أمِلت القاهرة أن تعرقل عملية بناء السدّ، إلّا أن الرهانَين المذكورَين فشلا تقريباً بعد نجاح الحكومة الإثيوبية في التعامل مع أزمة إقليم تيغراي. وممّا زاد هشاشة الموقف المصري اضطراب الأوضاع السياسية في السودان، ومحدودية القدرة من جرّاء ذلك على تنسيق مواقف مشتركة وحاسمة مع الخرطوم، على غرار ما كان يحدث إبان فترة تولّي عبدالله حمدوك رئاسة الحكومة، فضلاً عن استنفاد طرق التفاوض السلمي مع إثيوبيا، التي تُواصل اتّخاذ خطوات أحادية الجانب. 
إزاء ما تَقدّم، يخطّط السيسي الذي كان امتنع عن المشاركة في القمّة الأخيرة للاتحاد الأفريقي احتجاجاً على تقاعس الأخير عن أداء دوره في الأزمة، لزيارة السنغال خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل إعادة تحريك المفاوضات، والدفع في اتّجاه دور أفريقي أكثر فاعلية، خاصة في ظلّ الاقتناع بعدم جدوى العودة إلى مجلس الأمن، وغياب الإرادة الأميركية لممارسة أيّ ضغوط على أديس أبابا. كذلك، تعمل القاهرة، التي تعتقد أن الوقت لا يزال سانحاً أمامها على اعتبار أنها لم تتضرّر حتى الآن بشكل مباشر – وهو ما تفيد به جميع التقارير المرفوعة إلى الرئاسة – على تنشيط خطوط الاتصالات مع الخرطوم، وتحديداً ما بين أجهزة المخابرات في كلا البلدين، بهدف بلورة تحرّك مشترك في الأيام المقبلة. ولكنّ المشكلة هي انشغال السودان بأزمته الداخلية، على رغم ما يشكله تزايد كمّيات المياه المخزَّنة من خطورة على الجنوب السوداني بالتحديد، ولا سيما في حال تعرُّض السدّ للانهيار أو الضرر، وإن كانت أديس أبابا تبدي مرونة حيال الخرطوم، وتسهّل لها الحصول على المعلومات، من أجل تنسيق عملية التدفّق، بما يضمن عدم حدوث أيّ عوائق أو انهيارات.

كشفت مصادر لـ«الأخبار» أن القاهرة حصلت على وعد فرنسي بالضغط على أديس أبابا بعد الانتخابات الفرنسية


أمّا الرهان الرئيس بالنسبة إلى مصر، فهو تأخُّر البدء في عملية تعلية السدّ خلال العام الحالي، بسبب الأزمات المعتمِلة في الداخل الإثيوبي، إذ تتوقّع القاهرة تخزين كميات أقلّ من المعلَن في الملء الثالث الذي سيبدأ منفرداً من الجانب الإثيوبي، مع استحالة التوصّل إلى اتفاق نهائي قبل بدء عملية الملء المقرَّرة في نهاية شهر أيار المقبل. لكنّ ذلك الرهان يبدو أقرب إلى مغامرة غير محسوبة، بدءاً من ترقّب التقارير عن موسم الصيف وكميات الأمطار المتوقَّعة، مروراً بما سيتمكّن الجانب الإثيوبي من تخزينه في السدّ، وصولاً إلى آلية الردّ على الملء المنفرد الذي بات حتمياً للمرّة الثالثة على التوالي. وإذ تشير التقديرات المائية إلى أن عملية تعلية خزان بحيرة السدّ لن تشهد إضافة كميات كبيرة من المياه، بما من شأنه تقليل الآثار الجانبية على السدّ العالي، تتحدّث التقارير المصرية عن أن الكمّيات التي سيتمّ تخزينها غير محدَّدة بشكل واضح، في انتظار الانتهاء من عملية التعلية. لكنّ هذه التقارير لم تقدّم حتى الآن توقّعات بخصوص موسم الأمطار، وسط مخاوف من أن يكون أقلّ من المتوسّط.
وإلى جانب ما تَقدّم، تكشف مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن القاهرة حصلت على وعد فرنسي بالضغط على أديس أبابا بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إضافة إلى وعود أميركية بالتحرّك لمنع أيّ ضرر خلال موسم الأمطار المقبل، لكن هذه الوعود الدبلوماسية تظلّ بذاتها غير كافية لتحقيق أيّ شيء على أرض الواقع، لارتباطها بأشخاص وليس بوثائق. كذلك، تكشف مصادر في وزارة الخارجية المصرية، لـ«الأخبار»، أن تقارير تقدير موقف رُفعت إلى رئاسة الجمهورية، تطرّقت إلى أبعاد الصراع في إقليم تيغراي، بالإضافة إلى الوضع في مختلف المناطق الإثيوبية ومواطن الضعف والقوة، فضلاً عن الحالة الاقتصادية وتراجع معدّلات النموّ والذي سيؤثّر سلباً على عملية بناء السدّ، إلى جانب الوضع الخاص باتفاقيات توليد الكهرباء التي سينتجها السدّ وجرى تجميدها أو عدم الانتهاء منها. وتضيف المصادر أن وزارة الخارجية، التي لم تَعُد منذ فترة طويلة الجهة الأولى المعنيّة بالملف، تترقّب العديد من القرارات التي ستصلها من جهات أخرى، في وقت لا يزال فيه الموقف الدبلوماسي مقتصراً على بيانات الشجب والتنديد، من دون أيّ تحرّكات فعلية، على رغم بدء اتصالات مع الاتحاد الأفريقي من أجل إعادة إدراج الملفّ على جدول أعماله خلال الفترة المقبلة.

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مسيرات اليمن في 460 ساحة.. تحت شعار “مع غزة ولبنان.. دماء الشهداء تصنع النصر”

  خرجت مسيرات حاشدة، اليوم الجمعة، في محافظات صعدة ورَيْمَة ومأرب وعدد من مديريات محافظات عَمْران وإب وتعز وحَجَّة وذَمَار والجوف والمَحْوِيت نصرة للشعبين الفلسطيني ...