ولد رفيق رزق سلوم في مدينة حمص سنة 1891 وتعلم في مدارسها وبينما كانت أسرته تتوسم فيه أن يصبح رجل دين خلع ثوب الرهبنة مبكرا واتجه إلى بيروت للتعلم في الكلية السورية البروتيستانتية “الجامعة الأميركية في بيروت” وكتب وهو لايزال طالبا فيها أولى رواياته “أمراض العصر الحديث”. وبعد أن أنهى دراسته في بيروت سافر إلى اسطنبول لدراسة الحقوق وهناك راسل كبرى الصحف والمجلات العربية مثل “المقتطف والمقتبس والمفيد ومجلة لسان العرب” التي كان يصدرها النادي الأدبي في اسطنبول وعمل محرراً في جريدة الحضارة التي يصدرها عن الشيخ عبد الحميد الزهراوي. في هذه الفترة من حياته وضع كتاباً جامعاً في الاقتصاد بعنوان “حياة البلاد في علم الاقتصاد” ولما أنهى دراسة الحقوق كان قد أجاد اللغات الروسية واليونانية والتركية. كان لسلوم ولع وهواية بالموسيقا فأتقن العزف على آلات القانون والعود والكمان والبيانو كما كان من أشد المساهمين في إنشاء النادي الأدبي الذي كان يهدف إلى ائتلاف العرب وصيانة حقوقهم واستقلال بلادهم. في عام 1914 ساقت سلطات الاحتلال العثماني سلوم إلى الخدمة مع قواتها المشاركة في الحرب العالمية الأولى وهنالك تسنى له الاتصال والتنسيق مع الفئات المعارضة لهذا الاحتلال وكان بمثابة ضابط الاتصال بينها وبين ما تجسده من آمال الشعوب الرابضة تحت نير الاحتلال. وفي عام 1915 اعتقل سلوم بعد ان وشي به وبنشاطاته للاحتلال العثماني ونقل إلى الديوان الحربي في عاليه حيث حكم عليه بالإعدام شنقاً ووقتها بعث برسالة مؤثرة إلى والدته وصف فيها ما ذاقه من تعذيب خلال مدة توقيفه واستجوابه وذكر أسماء الأشخاص الذين وشوا به وسامحهم. وفي صبيحة يوم السادس من أيار 1916 نفذ حكم الإعدام بسلوم وهو لا يزال شاباً في الخامسة والعشرين من العمر وكان معه عدد من الأحرار مثل شفيق مؤيد العظم ورشدي الشمعة وشكري العسلي وأستاذه عبد الحميد الزهراوي حيث وصفت مذكرات ضابط في جيش الاحتلال العثماني اسمه فؤاد أردن موقف سلوم أمام الموت وكيف سار له بخطوات ثابتة سريعة وحيا جثمان الشهيد الزهراوي واصفا إياه بابي الحرية وارتجل قصيدته التي يدعو فيها السوريين والعرب للثأر لشهداء 6 أيار وللتحرر من نير الاحتلال. وفي الوصية التي تركها سلوم دليل بالغ على مشاعره وحس انتمائه للوطن وللأمة حيث أوصى أن تكتب على قبره أبيات من قصيدة الشاعر المقنع الكندي الشهيرة “إن الذي بيني وبين بني أبي” لتعبر عن إيمانه بسوريته وبعروبته ودفاعه عن أبناء جلدته حتى الذين خانوه وسلموه للموت.
إعداد : محمد عزوز من كتابه ( راحلون في الذاكرة ) برسم الطبع
(سيرياهوم نيوز6-صفحة المعد6-5-2022)