معد عيسى
كنا قديماً نجمع مياه الأمطار على أسطح المنازل لاستخدامها في زراعة المحاصيل، كما كان كل شخص يبني بيتاً يقوم بإنشاء خزان قبل البيت لتخزين حاجته من المياه لاستخدامها في الصيف لكافة الاحتياجات بما فيها الشرب، فمياه الأمطار ليس فيها أحماض وغير ملوثة وصحية ولا سيما إذا كانت من أمطار نيسان التي تحيي الإنسان. مع تغيير الظروف المناخية و احتباس الأمطار بدت الحاجة شديدة اليوم لحصاد كل قطرة مياه، ولاسيما في الجبال الساحلية التي تزيد معدلات هطولها على ألف ملم، لاسيما وأن أهل تلك المناطق يبدؤون بشراء المياه من شهر نيسان لزراعة محاصيلهم، المواطن بدأ يتحرك بإمكاناته المعدومة بحفر جورة في الأرض، و فرشها بشريحة بلاستيك لتجميع مياه الأمطار لاستخدامها لاحتياجاته في الزراعة وسقاية المواشي، ولكن الغريب أن الجهات المعنية لم تحرك هذا الملف، فجبال الساحل من شمالها لجنوبها تخلو من أي مسطحات مائية، ومواطنوها يشترون الماء رغم كلفتها العالية، فما الذي تنتظره هذه الجهات؟ إنشاء عشرات السدات المائية في الجبال الساحلية و السويداء والقلمون لا يكلف كثيراً، ولكنه يمكن أن يغير حياة الكثيرين في تلك المناطق، ويمكن أن يُحدث تنمية فيها، ويعزز من توفر بعض المنتجات بما يدعم الاقتصاد ويُحسِّن دخل المواطنين فيها. السدات المائية مشاريع صغيرة، كلفتها متدنية ولكن مردودها عالٍ، زراعياً، وبيئياً، واقتصادياً، وتوفر على الدولة عناء إقامة مشاريع غير منسجمة مع طبيعة تلك المناطق لتحسين الوضع المعيشي لقاطنيها. فسدة مائية بسعة تخزين ٢٠ ألف متر مكعب يُمكن أن تكفي لزراعة مساحات تؤمن الدخل لعشرات الأسر، إضافة لدورها في قضايا أخرى كمورد ماء لكثير من الحيوانات والطيور، وإطفاء الحرائق. تبريرات التقصير حاضرة بقوة فإن لم تكن بالتمويل الحجة الحاضرة دائماً، فستكون بمعارضة المجتمع المحلي، وأن لم تكن بكلا الأمرين فستكون بنتائج الدراسات التي تبين أن التربة نفوذة. التمويل ليس عائقاً، وهناك منظمات دولية تبحث عن تمويل مثل هذه المشاريع لأهداف بيئية وتنموية، وأيضا التبرير غير مقنع لأن كلفتها ليست عالية حسب سعة تخزينها، كما أن الأبحاث على التراكيب الجيولوجية ونفاذية التربة ليست عائقاً، فهناك مواد تكتيم للتربة وتقنيات حديثة أخرى، أما معارضة المجتمعات المحلية فالقانون يحلها. المواطن أخذ دوره في حصاد الأمطار، ولكن الأمر أصبح أكثر تعقيداً مع احتباس المطر وتدني مستوى معيشة المواطن الذي عاد للزراعة تحت ضغط تأمين الاحتياجات، والمطلوب من الدولة التحرك بسرعة وقوة إلى تلك المناطق لحصاد مياه أمطارها قبل أن يحصد الجفاف والحرائق ما تبقى لنا من خضار وغابات.
(سيرياهوم نيوز ٦-الثورة٢٢-٤-٢٠٢٢)