آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » “خطاب”قصير وسريع وواضح ..ولكن! 

“خطاب”قصير وسريع وواضح ..ولكن! 

 

 

أنس جوده

 

استيقظت صباح اليوم فوجدت الكثير الكثير من المباركات والسعادة على الصفحات الزرقاء ، وتبين ان الموضوع بسبب الخطاب المتأخر ٥٤ يوما ًو ٥٤ دقيقة.

استمعت لخطاب الرئيس الانتقالي المؤقت لسوريا السيد أحمد الشرع وأعدت قراءته بهدوء، وهو خطاب قصير وسريع وواضح .

 

قصير : لأنه لم يتحدث عن التحديات الهائلة التي تواجه البلاد ، ولاعن رؤيته للعمل مع قسد والسويداء ، ولاعن الآلاف الذين تم تسريحهم ولاعن بناء الجيش والقوى الأمنية ، ولاعن الاقتصاد والعقوبات، ولاعن عدم دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، وعن بقاء الهيئة على لائحة الارهاب وكيف ستتعامل مع القوى الدولية إذا لم يتم تمديد الرفع الجزئي البسيط عن العقوبات ، ولاعن استيلاء اسرائيل على ماتبقى من موارد المياه في الجنوب، ولا عن موقفه من استهداف الولايات المتحدة البارحة لاحد شركائه في الحكم وانعكاس ذلك على البلاد، ولا عن تصريحات المرشحة لمنصب مستشار الامن القومي تولسي غلبارد عن موقفها من الهيئة.

 

سريع: لأنه تجنب الحديث عن شرعية الوصول للسلطة وعن الفقه الدستوري الذي اعتمده، ولأنه لم يتحدث في تفصيلات المرحلة الانتقالية ومراحلها ومدتها ، وعن صلاحيات الأجسام التي تحدث عنها من الحكومة للمجلس التشريعي وهيئة الحوار، ماهي أدوارهم ومدتهم ومدى استقلاليتهم ووفق أي مرجع دستوري سيعملون، وماهي الأحداث والأمور والوقائع التي سيتم ” استصحابها” للمرحلة الانتقالية، ولماذا لايتم استخدام القياس على تجارب إنسانية أخرى، وما علاقة الكيانات بمصدر الشرعية التي عيّنت الرئيس الانتقالي وهل يمكنه حلهم بارادته المنفردة ومامدى إلزامية نتائج عملهم ، وتجنب الحديث عن الانتهاكات التي تمت من مجموعات ” منفلتة” وتجنب الحديث عن مايجري من تطبيق لما لانعرفه عن منظور العدالة الانتقالية.

 

واضح : أنه خطاب تحصيل حاصل وخطاب تهدئة للناس بعد خطاب الاجتماع السابق الذي منح الشرعية للرئيس الموقت ، وواضح أن الخطابين منفصلين فالشرعية في مكان وخطاب الناس في مكان آخر، واضح أيضا ان الخطاب لايريد الدخول في اي تفصيل ويؤجل طرح الاستحقاقات الأساسية بدهاء شديد حتى لايكون هناك آراء مختلفة ، فما قل لايدل إلا على العموميات التي لايختلف عليها أحد والشياطين تكمن في التفاصيل .

 

السوريون يريدون السلام والراحة بعد سنوات طويلة من التعب والموت والدمار والتشرد والذل، وهم يتمسكون بأية بادرة جميلة ويتفاءلون بها ويبنون عليها الآمال، ولكن السياسة لاتبنى على كلام جميل بل على أفعال والتزامات محددة ومواثيق دستورية وقانونية، وعلى شفافية ووضوح، والقياس على أفعال وأقوال الأهبل الهارب فيه انتقاص للسوريين وتسطيح هائل لمطالبهم وأحلامهم .

 

لم يخرج حراك السوريين وثورتهم في ٢٠١١ لإسقاط الأسد بل للوصول لدولة العدالة والحرية والديموقراطية والمواطنة، وطريقنا مازال طويلا، وعلينا العمل معا ومع السلطة ومع الجميع لتحقيق اي نوع من التوازن يحمي البلاد من الانزلاق للمجهول والتعويل اليوم على المدافعين عن المبادئ وعلى حاملي لواء القيم ، لأن “تكويع” هؤلاء ومهادنتهم للتعديات هو المصيبة الكبرى.

 

سوريا لك السلام

(أخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بين الطاووس و الحرباء..!

مالك صقور سألني البارحة حنظلة عن ( فلان ) و ( فليتان) ، وعن ظهور “عبقريات” جديدة مريبة ، كان الفضل الأول والأخير لظهور هذه ...