الرئيسية » كلمة حرة » تشددوا في ضبط الأسعار والأسواق

تشددوا في ضبط الأسعار والأسواق

ميشيل خياط 11 شباط/فبراير 2021

طلب مجلس الوزراء -أمس- من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التشدد في مراقبة الأسواق وضبط الأسعار وتطبيق أشد العقوبات بحق المتلاعبين بالمواد التموينية.
وما من شك أن هذه المطالبة هي تجسيد لشغف ذوي الدخل المحدود أن تثمر إجراءات كهذه، تهدئة لسوق- مجنونة- تلتهب أسعارها كل يوم بنيران ارتفاعات مضنية على حياة تلك الشريحة الكبيرة من المواطنين السوريين.
ولا يقتصر هذا الواقع، على الباعة بمختلف مسمياتهم بل يشمل، دكاكين الحرفيين والمهنيين وأجورهم (الابتزازية) التي يرفعونها بين يوم وآخر دون مسوغات وبلا خوف من رادع قوي!.
ونأمل أن تلتزم المديريات المعنية في تلك الوزارة بهذا التوجيه، هذه المرة،لاسيما أن الواقع فاق التصور، وأصبحت الهوة ما بين الدخل والأسعار كبيرة جداً وغير مسبوقة تاريخياً.
لسنا نتجاهل أن عدة مراسيم هامة، كانت قد صدرت في الآونة الأخيرة لتحسين الوضع المالي، لتلك الشريحة من ذوي الدخل المحدود، لكن تسارع ارتفاع الأسعار، بسبب فوضى الأسواق وضعف الرقابة عليها ونفور الناس من الشكوى للجهات الرقابية خوفاً من تبعاتها كالذهاب إلى المحاكم كشهود، والدخول في صراعات شخصية مع المشتكى عليهم، ولهذا يؤثر أغلب الناس، أن يتم التوصل الى أسواق منضبطة وأسعار مشروعة وثابتة ليسهل عليهم العيش والتعايش معها.
ولعل في ذلك الكثير من الوهم، إذ وبغض النظر عن الحرب والحصار، وفقدان الكثير من التجار السوريين لمدخراتهم بالعملة الصعبة التي كانوا يدخرونها في المصارف اللبنانية، فإننا تاريخياً في -سورية- لم ننجز إجراءات تساعد على ضبط الأسعار مثل: التسعير من المصنع أو تاجر الجملة لكل السلع التي تباع على الرفوف، ولَم ننجز بنى تحتية للأسواق الشعبية على الأرصفة، فهي الآن دائمة وهذا غير معقول ومرفوض عالمياً ففي كل الدول المتقدمة ثمة أسواق شعبية منظمة تماماً تستمر من الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً ولمدة يومين فقط في كل حي أو جزء من الحي حسب كبره، ولقاء رسوم مالية للبلدية، التي تأخذ على عاتقها تنظيف مكان السوق وترحيل الأوساخ والصناديق الفارغة، فوراً بعد الساعة الثانية ظهراً وكل بائع يتأخر عن الرحيل على الرصيف، يلغى العقد معه، ولايحق لأي إنسان أن يبيع أي سلعة دون رخصة.
نأمل الاستفادة من هذه المعلومة، لاسيما وأن حكومة المهندس عرنوس، كانت أعلنت في أولى جلساتها، عن تطلعها للتعاون مع اقتصاد الظل وضبط واقعه وتحقيق منفعة مشتركة بينه وبين الدولة، علماً أنه يشكل ٦٠./. على الأقل من الاقتصاد السوري.
وفِي واقعنا الراهن بقسوته على ذوي الدخل المحدود، نتمنى فعلاً أن يتم التشدد وأن يتم الضبط، وما نراه- ميدانياً – إن العاملين في الأسواق من تجار وحرفيين ومهنيين، يحققون أقصى درجات الرفاه والراحة النفسية، عبر الأرباح الابتزازية، غير عابئين لا بالحرب ولا بالإرهاب ولا بالحصار، وكأنهم في وطن آخر، غير معنيين بمن يعانون مادياً ويعيشون على رواتب وأجور محدودة جداً.
ولقد استفاد( أصحاب المهن الحرة )، بكل تنوعهم ، من العجز عن خلق أسواق حكومية موازية تحقق التدخل الإيجابي ، إذ ظلت صالات ومجمعات السورية للتجارة أسيرة الاستجرار من تجار الجملة، وفشلت كل نداءات الحكومة لوزارة الصناعة أن تبيع منتجات المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، في تلك الصالات والمجمعات، التي عجزت أيضاً عن افتتاح منافذ لها في الوزارت والنقابات، وظلت تبيع الخضار والفواكه بأسعار تساوي ضعف أسعار الأسواق الشعبية، بحجة أنها تبيع النخب الأول وتلتزم أسعار النشرة الرسمية، ما أفقدها القدرة على الضبط والمنافسة.
ووسط هذه الحقائق، نستغرب تجاهل ما أعلنته وزارة التجارة الداخلية عزمها على القيام به في أيار الماضي، أي الإعلان عن مسابقة لتوظيف ٣٠٠٠ مراقب تمويني جديد.!.
سنفترض أن تعيين أكثر من عشرة آلاف شاب من المسرحين من خدمة العمل، مؤخراً، سيخدم هذا التوجه وهو البديل عن المسابقة، ونعتقد أن فرز ٣٠٠٠ شاب منهم إلى الرقابة التموينية ضروري جداً، وربما كانت الحاجة أكبر، فما نعرفه أن لدى وزارة التجارة الداخلية٩٠٠ عامل فقط في هذا المجال، وهم مكلفون بضبط ملايين المحال والباعة، وهذا غير واقعي.
فإذا كان التوجه نحو الضبط حقاً، فلابد من توفير مستلزماته، علماً أن ضبط الأسواق والأسعار الآن فائق الأهمية، ويرقى إلى مستوى الأمن المجتمعي.

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أُهلِكْنا في العَذابِ مَرّتَينْ..!!

    أحمد يوسف داود   أًخيراً بِتُّ أَعتقٍدُ أَنّهُ صارَ علَينا أَنْ نَتنَبّهَ إلى أَعمارِنا المَهدورَةْ، وأًنْ نَدفِنَها بِلا أَدعِيَةٍ وَلا أَذانٍ ولا صَلَواتْ!. ...